تقارير

الإبادة والتغيير الديمغرافي عناوين منطقة أردوغان الآمنة

يعلم القاصي والداني أن الدول القومية كي تحافظ على ديمومتها لا تترك وسيلة إلا وتستخدمها من أجل صهر باقي القوميات والأقليات الأصيلة التي تحكمها في بوتقتها القومية, وترفض هذه الدول الاعتراف بغير قوميتها, ومن سوء حظ وأقدار الكرد تواجدهم (على أرضهم) ضمن دول وأنظمة قومية عنصرية تعتمد في ترسيخ حكمها على إبادة وسفك دماء الكرد وباقي القوميات والأقليات, فبعد أن ولّى زمن صدام حسين ومجازره بحق الكرد, يستكمل حفيد العثمانيين مجازره في الإبادة الأرمنية ومجازر السيفو بحق السريان وجرائم القتل الجماعي بحق الكرد في باكور كردستان بجرائم الإبادة والقتل في شمال سوريا, وكل ذلك تحت حجج ظاهرها إنساني وباطنها دموي, وبأسماء تدل على السلام كغصن الزيتون في عفرين ونبع السلام في سري كانيه وكري سبي.

فبعد أن حوّل أردوغان المعارضة السورية وفصائلها العسكرية إلى أدوات رخيصة يستخدمها لتحقيق أهدافه في إبادة الكرد وباقي المكونات ممن تبنوا الديمقراطية, يسعى الآن إلى تحويل المناطق التي احتلها إلى مستوطنات تركمانية وسلفية, وممارسة التغيير الديمغرافي باستخدام ورقة اللاجئين السوريين, فالهجوم التركي الأخير شرد مئات الآلاف من سكان المنطقة وأجبرهم على النزوح من منازلهم, وهذا ما يسعى إليه أردوغان من أجل توطين عوائل المرتزقة التابعين له في تلك المنطقة, ولكن الأمر الغريب والبغيض هو أن كل ذلك يحصل بمباركة من دول العالم, حتى أن تلك الدول تعامت كما هي العادة حينما يتعلق الأمر بالكرد عن المجازر والإعدامات الميدانية التي ارتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته بحق سكان سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض), وعرقلت التحقيقات حول استخدام الاحتلال التركي للفوسفور المحرَّم دولياً في قصفه للمدنيين في سري كانيه.

 أردوغان يمتلك أوراقاً يمارس بها الضغط على الدول المؤثرة والفاعلة في سوريا, منها ورقة اللاجئين السوريين في تركيا, وهو يستخدم هذه الورقة من أجل هدفين, الأول هو الضغط على الاتحاد الأوروبي لابتزازه سياسياً واقتصادياً, والثاني هو تشكيل حزام تركماني إخواني إرهابي بين تركيا وشمال سوريا لفصل مناطق الكرد هناك عن مناطق الكرد في تركيا, عن طريق توطين السوريين الموالين له في المناطق التي احتلها في شمال سوريا, وإنهاء الوجود الكردي والمسيحي هناك.

 ورغم عدم رغبة اللاجئين السوريين بالعودة المشروطة الى مناطق كري سبي وسري كانيه المحتلتين مؤخراً، فقد قامت السلطات التركية بترحيل 8653 لاجئ سوري بشكل قسري من مدينة أورفا التركية إلى سوريا خلال شهر تشرين الثاني وعبر معبر باب الهوى.

ما تفعله تركيا هو عملية تهجير لسكان وتوطين آخرين مكانهم

وقد حصل المرصد السوري على تسجيلات صوتية لعناصر الفصائل الموالية لتركيا تشير إلى تسجيل أسماء السوريين المهجرين سواء الذين هجرتهم تركيا أو المهجرين من مناطق سورية أخرى, ويطلبون منهم الذهاب إلى كري سبي وسري كانيه.

وقد أكد رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري ذلك بالقول:

هناك عملية تغيير ديمغرافي تجري في تلك المنطقة, نحن نتحدث عن تسجيلات صوتية موثقة, ولدينا شهود من المهجرين إلى “جرابلس” طالبتهم الفصائل الموالية لتركيا بالقول إنهم جاؤوا من تركيا للذهاب إلى تلك المناطق لاستيطان منازل المدنيين الذين هجرتهم العملية العسكرية التركية من مناطقهم, وهم لم يكونوا في تركيا بالأساس بل نقلوا من جرابلس إلى تركيا للعبور عبر معبر (سري كانيه)الحدودي.

وأضاف عبد الرحمن: هذه عملية تغيير ديمغرافي كما جرى في عفرين, وقد قدمنا تقارير موثقة عما يحدث, وهناك عناصر في الجيش الوطني في كري سبي من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش), وقد وثقنا أسماء  ٦٤ شخصاً على الأقل كانوا عناصر في التنظيم وانضموا إلى الجيش الوطني, كيف سيأمن السوريون الذين عانوا من التنظيم على أنفسهم تحت سلطة هؤلاء؟

التغيير الديمغرافي يحدث داخل الوطن الواحد عندما يجبر المسلحين الموالين لتركيا سكان عفرين على الهجرة, ويتم المجيء بمهجرين من مناطق أخرى وتوطينهم في عفرين, وسكان عفرين يسكنون في تل رفعت وفي مناطق الشهباء, ما يجري هو عملية تغيير ديمغرافي, وأول عملية تغيير ديمغرافي حقيقية جرت بين مضايا والزبداني وكفريا والفوعة كانت بإشراف تركي وقطري, فهل نقوم بتهجير سكان منطقة من أجل توطين سكان منطقة أخرى فيها؟

هذا معيب وما تفعله تركيا هو عملية تهجير لسكان وتوطين آخرين مكانهم

أردوغان لا يعطي أي اعتبار لكيان الاتحاد الأوروبي

كما جاء في بيانٍ للإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا حول الهجوم التركي على مناطق شمال وشرق سوريا, والأهداف المخفية من هذا الهجوم, وتخاذل المجتمع الدولي إزاءه بل وحتى المشاركة بهذا الهجوم وتقديم الدعم لأردوغان ما يلي:

يستخدم أردوغان و مرتزقته في هجماته ضد مناطقنا ومكونات شعبنا أسلحة الاتحاد الأوربي و حلف الناتو, ويهدف من خلال استخدام ورقة اللاجئين السوريين و فتح الأبواب لهم إلى استخدامهم بشكل غير أخلاقي كورقة ابتزاز, وما زال مستمراً في تلك السياسة اللاأخلاقية بحق اللاجئين، حيث يتم استخدامهم كورقة ضغط يساوم عليها في استثمارات سياسية و خصوصاً ضد الدول الأوروبية, خاصة أن بينهم الآلاف من عناصر داعش والنصرة وعوائلهم.

وبشكل استفزازي يتحدث أردوغان أنه وَطَّنَ في منطقة عفرين 400 ألف لاجئ سوري, لكنه في المقابل أخرج و شرّد مئات الآلاف من أهل عفرين قسراً و بالإجبار.

وجاء في البيان أيضاً: بعض الدول الاوربية التزمت الصمت وخضعت لتهديدات أردوغان المنافية للقيم الديمقراطية, الذي لا يعطي أي اعتبار لكيان الاتحاد الأوروبي، فهذا يعني القبول باستمرار الاحتلال والضغط و الظلم الذي يمارس ضد الشعوب العربية و السريانية و إبادتهم مع الكرد, فالسيدة ميركل تقول أنهم من أجل مساعدة اللاجئين السوريين مستعدون لمساعدة تركيا, لكن عندما تم تهجير مئات الآلاف من عفرين، لم نسمع أية إدانة ضد أردوغان و الآن أيضاً في مسألة توطين 400 ألف مستوطن من غير أهل عفرين، لم يتم إبداء أية إدانة و استنكار، وهذا يعني القبول بسياسات تركيا العدوانية.

ويجب على دول الاتحاد الاوروبي وكافة دول العالم احترام الشعوب و القيم الديمقراطية, عوضاً عن إبداء الدعم العسكري والمادي لتركيا التي تستخدم اللاجئين بشكل لاأخلاقي للتسول, وتحقيق مكاسب سياسيه, ومن الواجب على تلك الدول أن توضح موقفها و تفرض عقوبات صارمة على الدولة التركية لإيقاف عدوانها, فاستناداً للاتفاق المبرم ما بين تركيا و الاتحاد الاوروبي بخصوص مسألة اللاجئين, فقد وفت أوربا بالتزاماتها و قدمت ما يقارب 6 مليار يورو للدولة التركية, بالرغم من هذا و عوضاً عن وضع حد لتهديدات و ابتزازات أردوغان من قبل السيدة ميركل و الاتحاد الاوروبي، فإنهم ما زالوا مستمرين في سياستهم المتمثلة بضعف الإرادة و الخضوع, و أن هذه السياسة تؤدي الى إصرار الدولة التركية في الاستمرار بمخططها الابتزازي, و في الوقت ذاته يدفعها إلى المضي قدما في هجماتها العدوانية و إبادتها لشعوب شمال وشرق سوريا.

وأكّد  البيان على الإشارة مراراً و تكراراً على أن نضال شعوب شمال وشرق سوريا ضد داعش الذي يهدف إلى توفير الأمن و الاستقرار للإنسانية جمعاء, تبنته هذه الشعوب كواجب لها:

(قلناها سابقا بأننا مفتخرون بهذا، وبالتضحيات التي قدمناها) .

كما خاطب البيان دول الاتحاد الأوروبي محذراً:

عندما تقولون بأنكم مستعدون لتقديم المساعدة, عليكم أن تعلموا جيداً بأن تركيا تستمد الجرأة من هذه المواقف, و تكون سبباً في غضب و استنكار واسع لدى شعوب شمال وشرق سوريا من الكرد و العرب السريان.

نحن في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا وبكافة مكوناتها سنستمر بكفاحنا المشرف، بوجودنا و كرامتنا لأجل حماية القيم الديمقراطية للإنسانية, ومهما كانت التضحيات، سنستمر في مقاومتنا حتى إنهاء الاحتلال والعدوان التركي.

مغالطات تركيّة حول الكرد للضحك على العقول

وحول العداء التركي التاريخي للكرد والأساليب التي يتبعها الأتراك لزرع تلك العداوة لدى شعوب الشرق الأوسط,  أشار المحلل السياسي (خورشيد دلي) إلى أن هناك مجموعة من المغالطات التي يحاول المحلّلون السياسيون الأتراك تسويقها للرأي العام العربي، بُغية التأثير في وعيه أولاً، ولتشكيل رؤى مغلوطةً عن واقع الشعب الكُردي وقضيته، حيث قال في مقال  له:

لعلّ من يدقق في هذه المغالطات سيجد سمةً جامعةً بين هؤلاء المحلّلين الأتراك، إلى درجة أنّه يُخيَّل إليك أنّ ثمَّة جهةٌ تركيةٌ ناظمةٌ تضع هذه المغالطات، وتوزّعها على المحلّلين الأتراك لترويجها في العالمَين العربي والإسلامي، بُغية خلق رأي عامٍ في المنطقة يؤيد سياسات أردوغان المتطرفة، ومن أبرز هذه الحقائق:

– (الحرب ضدّ الإرهاب وليس ضدّ الكرد): على أساس أنّ الحرب الدموية التركية تستهدف فقط حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب وقوات قسد وليس الكُرد كشعبٍ، ولكن من يدقق في هذا الأمر سيجد أنّ الأمر ليس سوى محاولةٌ لشرعنة الحرب التركية الجارية ضدّ الكُرد منذ أكثر من قرنٍ، أيّ حتى قبل ولادة حزب العمال الكردستاني، ولعلّ الحرب التي شنّتها ضدّ عفرين ومؤخراً ضدّ سري كانيه تؤكّد حقيقة هذه الكذبة، إذ إنّ هذه الحرب طالت كل شيء، طالت الكُرد على اختلاف مشاربهم السياسية، كما طالت الشعوب الأخرى من عربٍ وآشورٍ وسريانٍ، ولعلّ الأخطر من كل ذلك، السعي إلى محو الهويّة الكُردية من خلال التغيير الديمغرافي الجاري على قدمٍ وساقٍ كما هو الحال في عفرين.

– (أخوةٌ في الدين):

 لا يتردد المحلّلون السياسيون الأتراك في كل لقاءٍ تلفزيوني عند الحديث عن الحرب التركية ضدّ الكرد من تكرار مقولة إنّ الكُرد أخوتنا في الدين, ونحن وإيّاهم نعيش بسلامٍ منذ القديم، لكن الحقيقة أنّ الهدف من هذه العبارة هو كسب تعاطف العالمين العربي والإسلامي مع هذه الحرب، وعليه ليس غريباً أنّ تجد جماعاتٍ من الصومال مروراً بغزة وصولاً إلى بورما تؤيد العدوان التركي تحت وهم شعاراتٍ إسلاميةٍ، مع أنّ الحرب التركية التي تقوم على القتل والتدمير تخالف الإسلام بل وكل الشرائع السماوية, حيث برع أردوغان في استخدام الدين لأجندته فهو من جهةٍ لا يتوقف عن رفع القرآن في كل مناسبةٍ يخاطب فيها الحشود المحافظة، ومن جهةٍ ثانية يستشهد بصلاح الدين الأيوبي كبطلٍ إسلامي كُردي مع أنّ جيشه يقتل ليلاً نهاراً أحفاد الأيوبي ويقف ضدّ تطلعاتهم، كما حصل خلال الاستفتاء في إقليم كردستان العراق.

– (الحفاظ على الأمن القومي):

 في كل عمليةٍ عسكريةٍ عدوانيةٍ تركيةٍ تتذرّع أنقرة بحجة الدفاع عن الأمن القومي التركي، وتحت هذه الحجة شنّت ثلاث عملياتٍ عسكرية في سوريا (درع الفرات – غصن الزيتون – نبع السلام) مع أنّ أحداً لم يهدّد تركيا أو أمنها الداخلي.

المادة /51/ من الميثاق الدولي:

 إذ يفسر المحلّلون الأتراك بأنّ هذه المادة تعطي لتركيا الحق في القيام بشنّ عدوانٍ على الأراضي السورية بحجة مكافحة الإرهاب، مع أنّ المادة لا تنص على ذلك أبداً، وللتأكيد نورد النص الحرفيّ للمادة /51/ إذ تقول المادة: (ليس في هذا الميثاق ما يُضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فُرادى أو جماعاتٍ، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوةٌ مسلحةٌ على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أنْ يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي)، حيث من الواضح أنّ المادة المذكورة تُشرّع لحق الدفاع وليس الهجوم، وعلى الدولة التي تتعرض لهجومٍ ما إبلاغ مجلس الأمن للبحث في اتخاذ الإجراءات المناسبة لحفظ الاستقرار والأمن، أيّ أنّ كل الحديث التركي عن شرعية إعطاء هذه المادة الحق بالهجوم والعدوان ليس سوى محاولةً للالتفاف على الميثاق الدولي وإعطاء شرعية للعدوان.

– (منع تقسيم سوريا):

 كثيراً ما يبرّر المحلّلون الأتراك تبرير عدوان بلادهم ضدّ الكُرد بمنع تقسيم سوريا على أساس أنّ الكُرد يريدون الانفصال والتقسيم، مع أنّ الكُرد السوريين لم يعلنوا ذلك يوماً من الأيام، والغريب أنّ جميع ممارسات تركيا في الأراضي السورية التي احتلتها تكرس حالةٍ من التقسيم بحكم الإجراءات التي تقوم بها على أرض الواقع، ولعلّها تريد من وراء ذلك تأليب النظام والمعارضة معاً ضدّ الكُرد، فضلاً عن تفجير حربٍ (كُرديةٍ – عربيةٍ) من خلال اللعب على وتر القبائل العربية وبوصفها مدافعةً عن الحالة العربية السنية كما يدّعي حزب العدالة والتنمية.

 – (العمالة لأمريكا والغرب):

 الحديث التركي عن هذا الموضوع يأتي في سياق تشويه سُمعة الكُرد والتحريض ضدّهم، فضلاً عن حشد الداخل التركي خلف أردوغان على اعتبار أنّ أردوغان يسوّق (عمالة الكُرد لأمريكا والغرب) في إطار خططٍ سريةٍ لتقسيم تركيا وإقامة دولةٍ كُردية، وهو يريد من وراء ذلك تأليب القوى الإقليمية كإيران وروسيا وغيرها ضدّ الكُرد من زاوية أنّ هؤلاء يعملون لصالح خطط أمريكا ومشاريعها في المنطقة، مع أنّ تركيا هي دولةٌ حليفة لأمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وهي عضوٌ في الحلف الأطلسي منذ عام 1952.

– (عملاء لإسرائيل):

 اعتاد بعض المحلّلين الأتراك على إلصاق هذه التُهمة بالكُرد، مع أنّ الحقيقة أنّ تركيا هي أكثر دولةٍ في المنطقة على وفاقٍ مع إسرائيل رغم خطاباتها العنترية ضدّها، إذ إنّ تركيا هي أوّل دولةٍ إسلاميةٍ اعترفت بإسرائيل عام 1949، وهي أكثر دولةٍ عقدت معها اتفاقياتٍ أمنيةً وعسكريةً، وإلى اليوم قسمٌ من السلاح الذي تَقتل بها تركيا الكُرد في الداخل والخارج هو سلاحٌ إسرائيلي ولاسيما طائراتٌ من دون طيارٍ من نوع (هيرون)، كما أنّ العلاقات الاقتصادية والتجارية معها في تحسنٍ مستمرٍ، والغريب أنّ بطل هذه العلاقة من الجانب التركي هو نجل أردوغان نفسه.

(الإنسانية):

 اعتادت تركيا على القول إنّ الهدف من عملياتها في شمال وشرقي سوريا هو إنسانيّ، ولاسيما في قضية اللاجئين والنازحين السوريين، ولكنها في الوقت نفسه تستغل قضية هؤلاء اللاجئين وتستخدمهم كورقة ضغطٍ وابتزازٍ ضدّ أوروبا للحصول على المزيد من الأموال ولإجبارها على الصمت إزاء الجرائم التي ترتكبها سواء في الداخل أو الخارج، فضلاً عن أنّ اجراءاتها ضدّ اللاجئين في الداخل ولاسيما في اسطنبول تكشف زيف ادعاءاتها.

– (المنطقة الآمنة):

 منذ البداية رفعت تركيا شعار إقامة منطقةٍ آمنةٍ في شمال سوريا لتأمين حياةٍ مستقرةٍ لللاجئين ومنع القصف عنهم، لكن اتضح من خططها بخصوص إقامة منطقةٍ آمنةٍ بين تل أبيض ورأس العين، أنّها تريد شكلاً من أشكال الاحتلال، وتغيير البنية الديمغرافية للمنطقة المذكورة بهدف إنشاء بنيّةٍ اجتماعيةٍ إداريةٍ وسياسيةٍ مرتبطةٍ بالأجندة التركية تُجاه مستقبل سوريا.

ويختم دلي مقاله مؤكداً بالقول:

في الواقع هذه الحقائق المقلوبة في العقل السياسي التركي، هي نتيجة أيديولوجيةٍ (قديمة – جديدةٍ)، مارستها الحكومات التركية ضدّ الكُرد أينما كانوا، وهي استراتيجية الحرب الخاصة التي تُصنع في دوائر الاستخبارات التركية بهدف إضفاء الشرعيّة على الحرب الهادفة إلى القضاء على الكُرد هويّةً ووجوداً.

التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية

بسبب الحقد الكبير على الكرد فقد استهدف الهجوم التركي الكرد وكل الشعوب المتعايشة معهم ضمن مناطق شمال وشرق سوريا, وخاصةً المكون المسيحي الذي له تجارب سابقة مع المجازر التركية, ولذلك فقد أشار (سنحريب برصوم) الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني إلى أن الهجوم التركي يهدد وجود السريان وأن كنائسهم في خطر, وذلك في لقاء أجرته معه وكالة أنباء هاوار, قال:

الهجوم التركي خلق مخاوف كبيرة لدى شعبنا الأصيل الذي يعيش على ارضه في هذه المناطق وفي سوريا، وحصلت موجة نزوح وهجرة نتيجة الهجمة التركية على مناطق شمال وشرق سوريا، وتحديداً المناطق التي حصلت فيها الاشتباكات القوية مثل رأس العين وتل أبيض، وهذه الحرب من الممكن أن تكون السبب في إنهاء وجود شعبنا بالكامل في هذه المناطق، حيث يُهجر قسراً وهذه جريمة ضد الإنسانية.

وحول سياسات الدولة التركية قال برصوم:

 دائماً يسعى أردوغان إلى التغيير الديمغرافي, فهو ضد كل الاقليات الموجودة, ويدعم ويساند من يتبنى فكره الأصولي المتشدد، وهذا التغيير الديمغرافي الذي يقوم به أردوغان يبقى الخطر الأكبر على مناطقنا, وعلى الرغم من حصول اتفاقية لوقف إطلاق النار لكن النظام التركي لا يؤتمن, فاتفاقية الهدنة السابقة  لم يلتزم بها، واتفاقية المنطقة الآمنة مع الولايات المتحدة الأمريكية لم يلتزم بها، بل شن هجومه على الأراضي السورية.

وطالب برصوم المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط أكثر من أجل إنهاء التدخل العسكري التركي، وقال:

 النظام التركي يدعم المجموعات الإرهابية ويحاول إعادة أنعاشها في سوريا.

كما أوضح برصوم أن أغلب النازحين بسبب الهجوم التركي هم من مناطق تل أبيض ورأس العين والقرى الواقعة بين هاتين المدينتين، وتعدادهم حوالي 200 آلف نسمة، وأكّد أن أغلب هؤلاء النازحين لن يستطيعوا العودة إلى مناطقهم مع استمرار الاحتلال التركي ووجود المرتزقة المرتبطين بتركيا في تلك المناطق.

جرائم الاحتلال التركي ومرتزقته تعبر عن الحقد والفكر الظلامي الأسود كما نوه برصوم إلى أن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته هي جرائم تبين مدى حقد هؤلاء و فكرهم الأسود الظلامي ضد كل شعوب المنطقة، وقال موضحاً:

هذه الصور التي ارتسمت في عقول شعوبنا تخلق لديهم المخاوف من العودة في ظل هذا الاحتلال وهؤلاء المرتزقة، فنحن نؤكد بأن مطلبنا هو إنهاء الاحتلال وإخراج المرتزقة لكي يستطيع شعبنا العودة إلى مناطقه بشكل آمن.

مصير كنائسنا مجهول أمام حقد هؤلاء المرتزقة

كما أشار برصوم إلى أن المواطنين  السريان أيضاً كانوا ضحايا خلال القصف التركي على مناطق شمال وشرق سوريا, وبشكل خاص في قامشلو وديرك، حيث استشهد البعض والبعض الآخر حالاتهم خطرة, كما نزح السريان القاطنون في القرى الحدودية خوفاً على حياتهم بشكل جماعي.

وحول ممارسات الاحتلال التركي بحق دور العبادة وبشكل خاص الكنائس، أوضح برصوم بالقول:

 أثناء دخول تركيا ومرتزقتها إلى عفرين شاهدنا بأن جميع دور العبادة سواء أكانت سريانية أو إيزيدية كانت هدفاً لهؤلاء المرتزقة وتم تخريبها وتدميرها، وسرقة القطع التاريخية منها، وفي هذه المناطق وأثناء هذا الهجوم فالمراكز الدينية المسيحية مهددة أيضاً، كما ألحق القصف التركي الضرر ببعض الكنائس في القرى الحدودية وبشكل خاص في سري كانيه, ومصير كنائسنا مجهول أمام حقد هؤلاء المرتزقة.

التاريخ يشهد بأن الجرائم الجماعية بحق الإنسانية والممارسات الإرهابية والإبادات والتهجير لا تمرّ مرور الكرام مهما طال الزمان, وبالتأكيد سيأتي يومٌ يُحاكم فيه أردوغان على أنه مجرم حرب وطاغية, ولن يكون مصيره أفضل من مصير من سبقوه من الطغاة.

زر الذهاب إلى الأعلى