تقاريرمانشيت

احتلال عفرين، أرقام مرعبة لحالات الخطف والتغيير الديمغرافي على مرأى العالم (الحُر)

يصادف اليوم الذكرى الخامسة لاحتلال عفرين من قبل القوات التركية الفاشية والفصائل المرتزقة العميلة لها، وتعاني عفرين وسكانها الأصليون طيلة هذه السنوات من أبشع حالات الخطف والانتهاكات والتغيير الديمغرافي على مرأى وصمت العالم (الحر) والقوى الدولية المطالِبة بالديمقراطية وحقوق الانسان.

وفي هذا السياق، وثَّقَ المرصد السوري لحقوق الانسان في تقرير له اليوم أرقاماً مرعبة لحالات الخطف والانتهاكات التي ارتكبها الجيش التركي والمرتزقة العميلة له.

وجاء في تقرير المرصد:

أجبر الغزو التركي والعمليات العسكرية الشرسة والجرائم البشعة التي ارتكبتها الفصائل؛ أكثر من 310 آلاف مدني، أي ما يعادل 56٪ من السكان الأصليين، على الفرار من أراضيهم ومنازلهم. وعليه، فَقَدَ السكان ممتلكاتهم التي استولت عليها الفصائل الموالية لتركيا. بينما لم يكن وضع هؤلاء السكان الذين اختاروا البقاء في مناطقهم بسبب النزوح أفضل، حيث تعرضوا للقمع المطلق والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الخطف والاعتقالات التعسفية بهدف جمع الفدية، إلى جانب استمرارها، ويومياً. وقائع ضبط محصول ومنازل ومحلات وسيارات. من خلال كل هذه الانتهاكات، تحاول الفصائل المدعومة من تركيا إجبار السكان المتبقين على الخروج من عفرين كجزء من خطة تركيا للتغيير الديموغرافي المنهجي.

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ 20 كانون الثاني 2018، مقتل 668 مدنياً كردياً في عفرين بينهم 97 طفلاً و88 امرأة في تفجيرات بالعبوات الناسفة وسيارات مفخخة وغارات جوية وقصف بري من قبل القوات التركية وعمليات إعدام، فيما توفي البعض تحت التعذيب في سجون تديرها فصائل موالية لتركيا.

كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ بداية الاحتلال التركي لعفرين حتى مساء 17 آذار 2023، اختطاف واعتقال أكثر من 7،898 مدنياً كردياً من عفرين، بقي 1082 منهم رهن الاعتقال، فيما أفرج عن معظم الباقين بعد دفع فديات كبيرة طلبتها فصائل (الجيش الوطني) المدعوم من تركيا.

وبحسب إحصائيات المرصد، فقد استقرت في عفرين أكثر من 4310 عائلة من مختلف المحافظات السورية، بعد إجبارهم على النزوح من أراضيهم، كجزء من خطة تركيا لتغيير التركيبة السكانية في عفرين، وتم كل هذا على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي بدا وكأنه غير مبال والتزم الصمت.

جرائم شنيعة وانتهاكات صارخة

وقال المرصد في تقريره: وثق المرصد خلال خمس سنوات من الاحتلال التركي لعفرين، أكثر من 3336 انتهاكاً مختلفاً تضاف إلى عمليات الخطف والاعتقالات التعسفية. فيما يلي تفاصيلها:

1189 حادثة استيلاء أعضاء وقادة الفصائل الموالية لتركيا على منازل ومحلات تجارية وأراضي زراعية في مدينة عفرين والنواحي التابعة لها. وتعود الممتلكات المصادرة لأشخاص أجبروا على النزوح من مقاطعة عفرين بسبب الغزو التركي لعفرين بعملية ما تسمى (غصن الزيتون).

312 واقعة بيع منازل نازحين استولت عليها الفصائل الموالية لتركيا بالقوة في وقت سابق. تم بيع المنازل بأسعار منخفضة وبالدولار الأمريكي على وجه الخصوص.

523 واقعة فرض ضرائب على المدنيين من قبل الفصائل والمجالس المحلية مقابل السماح لهم بفلاحة أراضيهم وجني المحاصيل، وكانت الجبايات المطلوبة حصص الحصاد والأرباح أو المبالغ المدفوعة بالدولار الأمريكي والليرة التركية.

915 حادثة قطع أشجار مثمرة من قبل فصائل ما يسمى (الجيش الوطني) المدعوم من تركيا بهدف بيعها كسجلات حريق، حيث تم قطع عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة.

397 واقعة اعتدى فيها عناصر من ميليشيات (الجيش الوطني) على المدنيين لأسباب مختلفة.

تخريب التراث التاريخي لسوريا

في عام 2022، وثَّق المرصد أعمال حفر وحفر وتخريب للمواقع الأثرية والتلال في 33 مناسبة، من بين مئات الحوادث المماثلة التي تم توثيقها في السنوات الخمس الماضية. تشتهر عفرين بمواقعها الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، وأبرز المواقع هي:

مدينة نبي حوري التي تبعد عن مدينة عفرين حوالي 23 كلم.

قلعة سمعان التي تقع على بعد 20 كم جنوب مدينة عفرين. يحتوي هذا الموقع على كنيسة مار سمعان التي كانت أكبر كنيسة في العالم.

Jabal Al-Sheik Barakat

جبل البرصايا.

مدينة عين دارا الأثرية التي تضم العديد من المعالم الأثرية وتحتوي على معبد يحتوي على عدة تماثيل. كل ذلك على مرأى من السلطات التركية وجهاز المخابرات.

وأضاف المرصد: لم يقتصر الأمر على تضرر عفرين بشدة من الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها قوة الاحتلال والفصائل السورية العميلة لها، بل قوبلت هذه الانتهاكات أيضاً بالتقاعس والصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي الذي يبدو راضياً عن تجاهل هذه القضية الإنسانية الخطيرة التي لم يتم التعامل معها، بشكل مناسب، على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها منظمات حقوق الإنسان السورية، بما في ذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان، لتسليط الضوء على محنة سكان الكانتون.

وفي هذا السياق، وفي إطار الجهود الجارية لتغيير التركيبة السكانية لمدينة عفرين والقرى المحيطة بها، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في 29 مارس 2022، أن جمعية (الأيادي البيضاء) الكويتية أعلنت عن بدء المرحلة الثانية من مشروع “الأيادي البيضاء”. مستوطنة أُطلق عليها اسم “قرية بسمة”. خلال المرحلة الثانية، تم التخطيط لإنشاء ثماني كتل سكنية تضم 125 شقة، بالإضافة إلى البدء في إنشاء ست وحدات أخرى جديدة.

بينما أنهى فصيل السلطان مراد في نيسان 2022 بناء مجمع سكني للنازحين من حمص بالقرب من قرية كفرم في ناحية شران. عدد منازل الكمبوند يقارب 360 منزلاً بمساحة تقدر بـ 120 متراً مربعاً للوحدة. كما يضم الكمبوند مدرسة ومسجد ومحلات تجارية.

ومن المفارقات أن المجتمع الدولي لم يتحرك أو يتدخل لوقف هذا التغيير الديموغرافي وأعمال التخريب والعدوان التي تمارس في عفرين.

وجدد المرصد دعوته للمجتمع الدولي بسن قوانين صارمة تضع حداً للممارسات الممنهجة من قبل جميع المتورطين في أعمال التنقيب والحفر غير القانونية في الكانتون الأثري. كما دعا جميع الجهات الدولية لتقديم كل دعم ممكن للحفاظ على تراث المنطقة وإلى التدخل الفوري لوقف الانتهاكات التي ترتكبها القوات التركية ووكلائها في عفرين وحماية آثارها وهويتها ووضع حد للتغيير الديموغرافي وتكثيف جهوده للكشف عن مصير المخطوفين وإعادة العائلات النازحة إلى مناطقهم والعمل على ضبط الوضع الأمني ​​وطرد الفصائل، وطالب المرصد جميع المنظمات المحلية والدولية بالتعاون فيما بينها للكشف عن جميع الانتهاكات الجسيمة والجرائم الشنيعة والممارسات البغيضة التي حولت عفرين إلى منطقة “حكم ذاتي” ناطقة باللغة التركية تديرها قوانين الفصائل المتطرفة.

وفي ختام تقريره أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المدنيين الذين اختاروا البقاء في عفرين من مختلف شرائح المجتمع السوري يتعرضون لانتهاكات مختلفة منها التهجير القسري والقتل والتعذيب والنهب بالإضافة إلى منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية والاحتفال بأعيادهم السنوية؛ ناهيك عن الانتهاكات والجرائم الأخرى التي تمارس في ظل سياسة التتريك.

زر الذهاب إلى الأعلى