مقالات

إلى أين تتجه البوصلة السورية

سليمان أبو بكر

منذ بداية الثورة السورية تداخلت جميع القوى التي لها مصالح في المنطقة، وبتدخلهم هذا وبدلاً من الحفاظ على الأمن والأمان وسلامة المواطنين، جلبوا الويلات والدمار على كامل الجغرافيا السورية، بداية عبر أدواتهم ومن ثم دخولهم المباشر.

أدواتهم سميت بأسماء عدة، ولكن أخطر هذه الأدوات على العالم الذي أسست في العراق وسوريا هو (داعش) الذي مثّل فكر إسلامي متطرف وحشي وهمجي، حيث بدأت هذه الأدوات بضرب البنية التحتية وتفكيك المجتمعات وتشكيل المرتزقة منهم فكانت بالنتيجة ظهور النوايا الحقيقية من كل ذلك الأمر بأنه يرمون إلى تطبيق المشروع البديل عن سايكس بيكو وغيره من المشاريع التي قسمت المنطقة. كل ذلك حدث، ولكن مَن الذي خسر ومن الذي فاز؟ هذا السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان!

فالربيع العربي بدأ من تونس واستقرَّ في سوريا, وهنا يجب السؤال، لماذا استقر في هذه الجغرافية تحديداً؟

معلومٌ للجميع أن سوريا بوابة للشرق الأوسط، وهي مركز التحولات الجيوسياسية في المنطقة برمتها, لذا كان عليهم التركيز هنا وزج جميع القوى وبشتى الوسائل في سوريا لإحداث التغيير فيما تم تقسيمه سابقاً “أي تقسيم المقسم” لسهولة السيطرة!!.. دخلت جميع المجاميع والقوى الدولية إلى جغرافية سوريا، فما كانت موقف الحكومة من كل ذلك؟! هل تدخلت لإيجاد الحلول وحماية الشعب؟ لم تفعل شيئاً، والسبب هو أن الصراع الدولي المستمر والقائم حالياً تُمحور هذا الأمر, حيث تواجد الروس والإيرانيين في سوريا ولأجل مصالحهم كانوا يدعمون الحكومة السورية ويحافظون عليها، حسب زعمهم أنهم لا يجدون البديل عن هذا النظام في تمثيل مصالحهم، لذا كانوا يجدون بتواجدهم في المنطقة كشرعية من الحكومة ذاتها ولكنهم كانوا يسيرون أجنداتهم وليس لخدمة الشعب.

وبدخول الثورة السورية نجد بأن الصراع القديم الجديد بين كل من روسيا وأمريكا اللتان تمثلان الأيديولوجية الرأسمالية في العالم، بدأ التنافس بينهما من سيكون الأساسي في الشرق الأوسط, ولكن في الآونة الأخيرة نجد بأن الحرب الأوكرانية التي اُحدثت أجبَرَت الروس على الابتعاد نوعاُ ما عن المنطقة وبقاء الأمريكان وحلفائها هنا، لكن أيضاً هم لم يعملوا لحماية المواطنين، بل بدلاً من ذلك بدأوا بتغيير وجهة لعبتهم بعدة مسارات وارتباط أطراف عدة وركيزتهم في اللعبة كانت تركيا ومرتزقتها من جميع الأجناس وقيامهم بإحداث الفوضى العارمة في المنطقة برمتها والهدف هو نقطة الارتكاز “سوريا” …ولكن أين سورية من الحل ضمن هذه الفوضى.

الحل الأمثل يكمن في الحوار السوري- السوري والتوجه إلى تشكيل حكومة ديمقراطية تعددية لامركزية تُعبِّر عن جميع شرائح المجتمع السوري.

ولكن هل الحكومة السورية مستعدة لمثل هكذا حوارات وحلول؟

الفوضى تتجه إلى نهائيات المئة عام على التغييرات والتقسيمات التي جرت. بالتأكيد سيكون القادم أشد وطأة، وستكون نتائجها وخيمة، فقط الذي يدفع الثمن هو المواطن، فَلِمَ لا يتم التوجه نحو الحل، وهو، إحداث الثورة الذهنية وتغيير المفاهيم المنافية للأخلاق الإنسانية، وخلاف ذلك سوف تتجه البوصلة السورية إلى اللامعلوم.

زر الذهاب إلى الأعلى