الأخبارسوريةمانشيت

إلهام أحمد: ضد داعش يدعمنا المجتمع الدولي وفي مواجهة الغزو التركي لا يوجد من يدعمنا

أوضحت إلهام أحمد الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية في الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بأن المجتمع الدولي يدعم الإدارة الذاتية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي, ولكنه يلتزم الصمت حينما تشن تركيا الهجمات على المنطقة, جاء ذلك خلال حوار لها لموقع (Estudios de Política Exterior).

وجرى الحوار على النحو التالي:

  مرت أكثر من سبع سنوات منذ إعلان الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في كانون الثاني 2014, ما هي الأهداف التي حققتها هذه الإدارة خلال هذه السنوات؟

إلهام أحمد: لقد أثبتت الإدارة الذاتية أنها مشروع ديمقراطي هدفه أن يدير الناس نفسهم بنفسهم, والهدف الرئيسي الذي تم تحقيقه هو مشاركة المرأة في جميع المجالات وخاصة في مستويات صنع القرار, وهذا شيء يمثل مقياساً مهماً ويظهر أن هذه الإدارة تسير في الاتجاه الصحيح, وكان الإنجاز الثاني هو بناء نظام لامركزي وأن الناس يستطيعون تنظيم أنفسهم, وكذلك تم تحقيق هدفين كبيرين آخرين, الأول هو هزيمة تنظيم داعش الإرهابي وبالتالي هزيمة الجهاديين الراديكاليين، والثاني هو إعطاء الأمل لشعوب المنطقة من خلال إظهار أن هناك بديلاً للنظام البعثي من أجل صياغة نظام أفضل, وأيضاً تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة أخرى, وهي أن حالة القهر والاضطهاد التي يعاني منها الكرد أصبحت معروفة دولياً وعالمياً,  وبفضل نظام الإدارة الذاتية  تمكنا أيضاً من إنشاء تواصل قنوات مفتوحة مع المجتمعات الأخرى في العالم لمشاركة مشكلاتنا.

ما هي الشروط التي يضعها النظام في دمشق من أجل الاتفاق مع الإدارة الذاتية؟

الهام أحمد: النظام لديه عقلية ديكتاتورية وما يطلبه منا هو أن نعود لسوريا ما قبل 2011وكأن شيئاً لم يحدث, وعلى سبيل المثال لا تقبل النظام حتى أن يتم تدريس اللغة الكردية في المدارس, والنظام يعرض بأن تصبح قوات سوريا الديمقراطية ضمن  الجيش السوري، ولكن يشترط أن نمر بعملية مصالحة, ويطالبنا نحن السياسيين ضمن الإدارة الذاتية بتقديم الاعتذار لنظام دمشق, فإما أن يتم العفو عنا أو اعتقالنا.

ما هو الوضع الحالي على الجبهة الشمالية لقوات سوريا الديمقراطية مع الفصائل التابعة لتركيا بعد الغزو التركي في تشرين الأول 2019؟

 إلهام أحمد: روسيا تستخدم الورقة التركية ضدنا, وبذلك تمارس الضغط علينا لتسليم المزيد من المدن إلى النظام السوري, وتهدد بالاحتلال التركي, يمكن للروس أن يلعبوا دوراً أكثر إيجابية, ويمارسوا المزيد من الضغط على النظام السوري لكنهم ليسوا محايدين, فهناك قتال حالياً يدور في مدينة عين عيسى على الرغم من حقيقة أن روسيا هي المسؤولة عن مراقبة احترام الهدنة التي أبرمت بينها وبين وأنقرة, والتي كان من المقرر أن تنتشر بموجبها القوات السورية في المنطقة, ويمكن أن تلعب موسكو دوراً أكثر فعاليةً في الحد من الانتهاكات التي ترتكبها القوات التركية والمرتزقة المتحالفون معها.

التحالف الدولي كان الحليف الأكثر قيمة لكم، لكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعلن في عدة مناسبات الانسحاب الكامل لقواته من شمال وشرق سوريا, ما هو الموقف الجديد للتحالف الدولي بعد وصول جو بايدن للرئاسة؟

إلهام أحمد: القوات الأمريكية ما زالت في المنطقة, وبعد وصول بايدن أصدر التحالف الدولي بياناً أكد فيه بقاء القوات وإلى أجل غير مسمى, وجودهم إيجابي ويمكن أن يلعب دوراً في الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع السوري.

بخصوص تواجد المعارضة السورية في جنيف على طاولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، ما علاقتها باستبعادكم من جولات المفاوضات؟

إلهام أحمد: عندما نتحدث عن المعارضة السورية فعلينا أن نقسمها إلى قسمين, ولا علاقة لنا بالمعارضة المتمركزة في تركيا لأنها تعكس فقط مصالح الدولة التركية, وموقفها ولغتها تجاهنا أقسى من تلك التي يتبناها الأتراك, نست هذه المعارضة أسباب اندلاع الثورة وأن النظام السوري لا يزال قائماً, هي مجرد أداة لتركيا, لذلك نحن نحافظ على اتصال جيد مع الجهات المعارضة الأخرى, ونقوم حالياً بالتحضير لمؤتمر تشارك فيه قوى ديمقراطية مختلفة من أجل خلق منصة جديدة للمعارضة السياسية للنظام, ويأتي هذا القرار بعد فشل مسار جنيف، وكذلك اللجنة الدستورية السورية التي فشلت ولم تحقق أي شيء, وانطلاقاً من هذا الشلل جاءت فكرة إيجاد مسار بديل.

بشار الأسد انتصر في الحرب على المستوى العسكري، لكن البلد اليوم في حالة خراب, ما هي حالات الطوارئ الرئيسية لإعادة الإعمار في شمال وشرق البلاد؟

إلهام أحمد: الدعم الدولي الذي تلقيناه حتى الآن كان محدوداً للغاية وغير كافٍ، لذلك نعتمد على مواردنا الخاصة، والتي بدورها أيضاً محدودة وغير كافية, وقررت الإدارة الذاتية إعادة فتح المدارس وترميمها لإبعاد الأطفال عن الشوارع، لكننا بحاجة إلى أن يتعرف المجتمع الدولي على المناهج الأكاديمية الراسخة والمختلفة التي ندرّسها عن تلك التي يتبعها النظام السوري.

سياسياً تدافعون عن سعيكم إلى نظام إدارة ذاتية أو فدرالية وليس استقلالاً أو انفصالاً عن سوريا, هل حكومة إقليم كردستان العراق هي نموذج يحتذى به؟

إلهام أحمد: نموذج حكومة إقليم كردستان العراق هو نموذج كردي لذا فهو مختلف عن مشروعنا، لأنه مشروع متعدد الأعراق في خدمة جميع الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة وليس الكرد فقط, والفرق الآخر هو أن النساء هنا يمثلن ركيزة أساسية في الإدارة  بينما لا يلعبن نفس الدور في الإقليم,  وأخيراً في العراق النظام مركزي لذا فهو يعتمد على بغداد، بينما هنا يتم السعي إلى النظام  اللامركزي, على سبيل المثال يستمر الموظفون هناك في تلقي رواتبهم من بغداد، لذلك يمكن للحكومة المركزية قطع الرواتب عن الإقليم في أي وقت.

ما هي الصعوبات التي تواجهها الإدارة الذاتية في إدارة المناطق العربية؟

إلهام أحمد: لم نلاحظ توترات, وتتواجد قوات سوريا الديمقراطية في الرقة ذات الأغلبية العربية والعاصمة السابقة للخلافة المزعومة لحماية المدنيين, وتتكون وحداتها من أبناء الرقة أهلها.

 ما نوع علاقة الإدارة الذاتية بحزب العمال الكردستاني (PKK)؟

إلهام أحمد: عندما بدأت ثورة روج آفا دعمها حزب العمال الكردستاني, شعبية حزب العمال الكردستاني بين السكان كبيرة ويستمر المواطنون اليوم في الانضمام للحركة, وهذا ليس أمراً سرياً, فحزب العمال لديه أيديولوجية قوية للغاية بشأن البيئة وكذلك حول تمكين المرأة وهو ما ينعكس حتماً في مشروع الإدارة الذاتية في روج آفا, التأثير الأيديولوجي علينا مستدام على المدى الطويل ولا يمكن إيقافه, ومع ذلك فإننا نحن من يتخذ القرارات على الأرض, ولا يمكن لحزب العمال الكردستاني التدخل في ذلك، وتستخدم تركيا حزب العمال الكردستاني ذريعة لمهاجمة شمال وشرق سوريا, ولكن حزب العمال الكردستاني لم يكن موجوداً في أرمينيا ولا في ليبيا ورغم ذلك شنت تركيا هجمات هناك أيضاً.

برأيك ما هو المخرج من الأزمة العاصفة بسوريا؟

إلهام أحمد: للأسف الحرب السورية طال أمدها ولا يلوح حلّ في الأفق, وأصبحت صراعاً دولياً, فكل طرف من الجهات الفاعلة المتورطة في الصراع يريد إيجاد حل يناسب مصالحه، وبالطبع على حساب الشعب السوري, ونحن نعلم أن ما مرت به سوريا سوف يتم تكراره في جميع أنحاء الشرق الأوسط, وتركيا تدرك ذلك ولهذا فهي متمسكة بتواجدها في سوريا ولا تخطط للمغادرة, وتعرف أنقرة أنه إذا تم حل القضية الكردية في سوريا  فإنها ستؤثر على تركيا (حيث يعيش أكثر من 14 مليون كردي), وبالتالي فهي لا تريد انتهاء الحرب في سوريا أو حل القضية الكردية فيها, وكذلك يبدو أن السيناريو نفسه هو الحال بالنسبة لإيران، لأنه إذا تم حل القضية الكردية هنا  فسيتعين عليهم حلها هناك أيضاً، وباختصار إيران تدعم النظام المتشدّد معنا، وفي الوقت نفسه المعارضة المدعومة من تركيا وكلاهما متشدّد تجاهنا أيضاً, لذا فإن الأزمة مستمرة.

هناك صراع أيديولوجي مزدوج تخوضه الإدارة الذاتية ضد التفكير الراديكالي الذي ينشره داعش من ناحية، ومن ناحية أخرى صراع داخل المجتمع الذي يكون في الغالب أبوياً وذكورياً, كيف يتم التوفيق بين هاتين الجبهتين الأيديولوجيتين داخلياً؟

إلهام أحمد: كلا الإيديولوجيتين تتقاطعان لأن كلاهما له جذور في النظام الأبوي, وكلاهما يجب محاربته من قبل المؤسسات, لأن كلاهما لهم هدف مباشر هو استهداف واستخدام النساء لتحقيق مصالحهما الخاصة.

ما الذي تم إنجازه في الإدارة الذاتية من أجل المساواة بين الجنسين؟

إلهام أحمد: منذ عام 2013  قمنا بصياغة قوانين جديدة شكلت العقد الاجتماعي (نوع من دستور الإدارة) الذي ينظم مناطق الإدارة بأكملها, ومن أهم بنوده إلغاء تعدد الزوجات، والمساواة عند تلقي الميراث, ومنح حضانة الأطفال للأمهات وأمور أخرى.

إن مشاركة المرأة في المجال العسكري ليست بدعة تاريخية لأنها حدثت في حركات تحرير مختلفة كما هو الحال في المنطقة، مثل الجزائر وفلسطين، ولكن بمجرد انتهاء الحرب تم استبعاد النساء بشكل منهجي من مراكز صنع القرار, كرئيسة مشتركة للمجلس التنفيذي وأعلى سلطة في الإدارة، كيف برأيك يمكن للمرأة أن تحافظ على نفسها في مناصب صنع القرار هذه؟

إلهام أحمد: نحن ندرك جيداً وتعلمنا الدروس التي أعطانا إياها التاريخ, لذلك من بين الاحتياطات التي نتخذها على سبيل المثال، إنشاء حركة أنثوية بالكامل وليس تخصيص مناصب محددة للنساء, فالنساء موجودات في جميع الأقسام العسكرية والسياسية في أعلى المناصب, ولا يمكن اتخاذ أي قرار دون موافقتنا, حتى أنه في أول في اجتماع كان علينا إنشاء مجلس سوريا الديمقراطية، ولكننا قررنا تأجيل تشكيله لأنه لم يكن لدينا عدد كافٍ من النساء لتغطية الحصة الجنسانية المتفق عليها, ورغم اعتراضات الرفاق  أجّلنا تشكيل المجلس إلى أن يكون لدينا عدد كافٍ من المرشحات المؤهلات لشغل المناصب المستحدثة للنساء.

لقد كنتِ ناشطةً سياسيةً ضد بشار الأسد، وقاتلتِ تنظيم داعش, واليوم تناضلين سياسياً ضد القوات التركية والميليشيات المحلية الحليفة معها, من  هو أسوأ عدو لك؟

إلهام أحمد: هذه النضالات الثلاثة متشابهة, بالنسبة لنا أصبحنا أهدافاً جسدية يجب إبادتها, إنها عقليات راديكالية وديكتاتورية تنبت من نفس الجذور, فالنظام السوري يجعل الناس يختفون في سجونه, وتنظيم داعش يعدم خصومه, وتركيا ترتكب جرائم حرب, والفرق بين هذه الجبهات الثلاث هو أنه ضد داعش  يدعمنا المجتمع الدولي ونقاتل معاً, ومع ذلك في مواجهة الغزو التركي لا يوجد من يدعمنا, أما بالنسبة للنظام  فهم منقسمون في مواقفهم.

زر الذهاب إلى الأعلى