ثقافةمانشيت

إضاءة على “مؤسسة اللغة الكردية” في قامشلو

اللغة هي التعريف الحقيقي لثقافة وتاريخ أي شعبٍ، فمن حق جميع الشعوب التحدث بلغتها الأم على أرضها بكل حرية واستقلالية، وبالرغم من التاريخ العريق للغة والثقافة الكردية، إلا أن الشعب الكردي وعلى مدى سنواتٍ كان محروماً من أبسط حقوقه في تعلم لغته الأم والتحدث بها، تلك اللغة الغنية بالمفردات القوية والمتينة، لكن بعد ثورة روج آفا رأينا تغيراً ملحوظاً من ناحية الانفتاح الثقافي والمعرفي على اللغة الكردية بين أبناء الشعب الكردي وذلك بفضل المؤسسات والهيئات التي افتتحت من أجل تطوير اللغة الكردية والحفاظ عليها من التشتت والضياع، ومن المؤسسات التي افتتحت على مراحل لتصل اليوم إلى شكلها الحالي “مؤسسة اللغة الكردية”، والتي تهدف إلى نشر وترسيخ اللغة الكردية على أوسع نطاق، إضافة إلى عملها لوضع قاموس لمفردات اللغة الكردية لتعريف الكرد بلغتهم الأصيلة.

وللحديث بشكل موسع أكثر عن الهدف من فتح “مؤسسة اللغة الكردية” في قامشلو، أجرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي لقاء مع كولي حسن عضو في مؤسسة اللغة الكردية، هذا واستهلت حديثها بالقول:

بعد ثورة 19 تموز تم اتخاذ المدارس كهيئات لتعليم اللغة الكردية، إلى جانب تدريسها من قبل متطوعين من الأهالي في منازلهم، لكن بعد دخول منهاج اللغة الكردية إلى المدارس بشكل رسمي، وضعنا على عاتقنا إقامة دورات تدريبية لتعليم اللغة الكردية للأهالي والطلاب الراغبين في تعلم لغتهم الأم بعد انتهاء دوام الطلاب في المدارس، وفي مقاطعة قامشلو عام 2013 كان يتم تدريس اللغة الكردية في حي الهلالية بـ “جامعة روج آفا حالياً”، وفي العام نفسه افتُتحت أكاديمية “جلادت بدرخان”، وتم فيها تخريج خمس دفعات لمعلمي اللغة الكردية، وكانت كل دفعة لمدة ثلاثة أشهر يتم خلالها تدريسهم تاريخ اللغة الكردية وأصول اللغة، ويتم الحديث عن كتّاب كرد أمثال “جلادت بدرخان، جكر خوين، ملاي جزيري ..”، وفيما بعد انتقلت أكاديمية “جلادت بدرخان” إلى عامودا وسميت “مؤسسة اللغة الكردية”، لتعود بعدها إلى قامشلو وتُفتتح بشكل رسمي وتزامناً مع يوم اللغة الكردية بتاريخ 15 أيار 2019، بحضور كافة المؤسسات وهيئات الإدارة الذاتية والوسائل الإعلامية بعد أن تم تأمين كافة مستلزماتها لتبدأ عملها وتبحث في تاريخ اللغة الكردية ومفرداتها.

وتابعت كولي حسن حديثها: جاءت هذه المؤسسة بهدف البحث في اللغة الكردية وتجميع مفرداتها الأصيلة الضائعة، وهذه المؤسسة بمثابة قاموس لجميع الكرد للعودة إليه عند الحاجة، وهناك الكثير من القواميس والكتب التي تبحث عن المفردات وتوثقها بطريقة مختلفة، إلا أننا لا نستطيع الاعتماد على لسان أو لغة دون أخرى، لذا فأن مؤسسة اللغة الكردية ترى نفسها مسؤولة عن تجميع المفردات الكردية وصونها من الضياع، لوضع أساس للغة الكردية وقواعدها، فمؤسسة اللغة الكردية كان عملها في البداية البحث عن المفردات، لكن عند بدء ثورة روج آفا وضعت هذه المؤسسة على عاتقها تدريب الشعب، والألاف من الطلاب والمدرسين، وبعد حوالي  ثماني سنوات قامت مؤسسة اللغة الكردية بإدارة هذا العمل على النحو المطلوب، فمن مؤسسة اللغة الكردية تم تشكيل لجنة التدريب، والكثير من الهيئات والمؤسسات التربوية الأخرى.

وأضافت: تم تقديم الدعم المادي والمعنوي واللوجستي لمؤسسة اللغة الكردية منذ إنشائها من قبل الإدارة الذاتية، أما بالنسبة للعاملين في المؤسسة، فمنهم في كركي لكي، عامودا، ودرباسية ..، إضافة إلى ثمانية أعضاء في قامشلو، حيث نقوم الآن بتجميع الأفكار من أجل تطوير المؤسسة ووضع برنامج لها ونستعد لبدء دورة تدريبية في أصول اللغة الكردية وقواعدها، وعلاوة إلى ما ذكرته سيتم عقد اجتماع عام للأعضاء من أجل انتخاب وتعيين إداريين للمؤسسة، وسيتم خلاله وضع أسس عامة للغة الكردية في روج آفا وشمال شرق سوريا لجميع الهيئات والمؤسسات للتعامل باللغة الكردية كوننا نرى بأن الكثير من المفردات المترجمة إلى اللغة الكردية تشوبها مفردات غريبة لأنه يوجد لكل كلمة كردية العديد من المرادفات.

وأوضحت بأنه من أجل عدم الوقوع في أي إشكالات: سيتم الاعتماد في مؤسسة اللغة الكردية على نموذج موحد من المفردات، كون الأوضاع والبيئة هيئت لنا ذلك، فقد كان حلمنا وهدفنا تأسيس مؤسسة للغة الكردية بشكلها الحالي، فبفضل إرادة شعبنا تخطينا جميع الصعوبات التي كانت تعيق مسيرة اللغة الكردية، لتصبح بذلك روج آفا بوجود هكذا مؤسسة مثالاً يحتذى به في أجزاء كردستان الأخرى ولتكون مرجعية لكافة كتابنا ومثقفينا لتبادل الآراء وتقوية مفردات اللغة الكردية.

واختتمت كولي حسن عضو في مؤسسة اللغة الكردية حديثها بالقول:

اللغة الكردية غنية بالمفردات لذا سيكون عملنا في جمعها والاعتماد على مفردات معينة أمراً يحتاج لبعض الوقت، إلا أنه سيتم العمل وفق جداول زمنية لإيصال المفردات الكردية وأصولها بالشكل السليم إلى الشعب، لتعود بنتائج مفيدة على كافة شرائح المجتمع “الشبيبة، المرأة ..”، ونعد بأن نكون حريصين خلال عملنا ضمن مؤسسة اللغة الكردية للحفاظ على لغتنا الأم وتاريخنا وثقافتنا الكردية.

إعداد: ألندا قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى