مقالات

أيتها الأمم المتحدة والتحالف الدولي لقد أوغلتم في قتلنا

بالإمكان القول إن الأمم المتحدة قد أمست على مشارف الموت السريري، ولم يعد خافياً على أحد أنها باتت في حالة من الغيبوبة الوجدانية الإرادية واللاإرادية على حد سواء، فما نشهده من صمت وعدم مبالاة من هيئات ومنظمات الأمم المتحدة ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين الذي أصبحت فيه الحقائق والأحداث والأخبار والمعلومات تنتقل بسرعة الضوء والبرق، وأمسى العالم أجمع مرآة مرئية ومسموعة ومقروءة نتيجة للتطور التكنولوجي والتقني الهائل، فلم يعد بالإمكان إخفاء الحقائق الدامغة والتستر عليها ولكن نتيجة لكبوة الضمائر وغلبة المصالح والمنافع، نشهد في أيامنا هذه أعظم كذبة عرفها التاريخ البشري وهي المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية التي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان وحمايتها.

فهناك الكثير من أنواع القتل الذي شارك بل أوغل فيها هيئات ما تسمى بالأمم المتحدة بشكل مباشر وغير مباشر، وما تشهده روج آفا وشمال شرق سوريا خير دليل على تغول الأمم المتحدة في قتل الشعوب وإنكار وجودهم، فالقتل لا يقتصر على انتزاع الروح من الجسد بل هناك أنواع كثيرة من القتل، وخاصة في الثورات الشعبية والنزاعات الدولية التي تدعي فيها هيئات ومنظمات الأمم المتحدة أنها تدافع عن حقوق الإنسان والشعوب لكنها تمارس خلاف ذلك وتشارك في قتل الإنسان والشعوب، فهناك قتلى الطموح والتطلع إلى المستقبل، قتلى الفكر الخلاق والمبدع، قتلى الروح الوطنية والإنسانية، قتلى الضمير والوجدان، قتلى الطفولة وأحلامها، وقتلى الحياة المتمثلة بالأرض والطبيعة، ولكل نوع يوجد خلفه قاتل بلباس يختلف عن الآخر. أو بشكل أكثر وضوحاً هناك هيئات ودول تقف مع القاتل وتدعمه وتسانده سواء عبر صمتها أو بدعمها له بشكل مباشر، فكما يقال في المثل الشائع “تتعدد الأسباب والموت واحد”، فهناك سبب آخر رئيسي لا يتطرق إليه الكثيرون، ألا وهو الصمت الذي بسببه يُقتل الكثير من البشر بطرق شتى، فالصمت الأممي المتمثل بالمنظمة الدولية للأمم المتحدة والتي تتغاضى كثيراً عن ممارسات  الحكومات الديكتاتورية إذا قاومت شعوبهم الموت المحتوم وطالبت بحقوقها ونيل حريتها والعيش بكرامتها عبر الانتفاضة والثورة على الظلم، حيث تُوغل هذه الدكتاتوريات من خلال حروب داخلية وخارجية وعمليات تطهير عرقي عبر القتل والتنكيل والتهجير القسري والاعتقالات التعسفية .. بذرائع واهية وبعيدة عن الحقيقة والواقع، وما يحزُّ في النفس هو صمت القبور للأمم المتحدة وعدم نطقها وإيقافها لهذه الجرائم الوحشية المتصاعدة بحق الإنسانية والبشرية، وذلك لأسباب مختلفة؛ إما بضغط من أطراف فاعلة في الأمم المتحدة كي تغض الطرف عن ذلك الحاكم أو النظام كما في حالة الطاغية أردوغان ونظامه وما شابهه من دكتاتوريات، أو القيام بتعطيل قرارات الأمم المتحدة التي تحاول اتخاذها بحق ذلك النظام أو الحاكم كما فعلت وتفعل كثيراً كل من روسيا وأمريكا كونهما ترتبطان معه بمصالح اقتصادية وصفقات تجارية واسعة أو كونه حارسهما الأمين على مصالحهما في منطقة ما، تماماً مثلما حدث في احتلال مدينة عفرين عبر صفقات تجارية واقتصادية قذرة بين روسيا وتركيا وكذلك ما حدث مؤخراً في كل من مدينتي سريكانيه وكري سبي عبر صفقات شخصية بين الطاغية أردوغان وتاجر البيت الأبيض ترامب، وهذه الدول التي لها نفوذ وهيمنة على الأمم المتحدة تغاضت عن عَمْد عمَّا تُرتكب من جرائم القتل والإبادة الجماعية والتهجير والتغيير الديمغرافي المنهجي من قِبل الاحتلال التركي ومرتزقته من المجموعات الإرهابية تحت ذريعة الأمن القومي وحقوق الإنسان والسيادة الوطنية وغيرها الكثير من المبررات التي يسوقها الدكتاتوريات لشرعنة إجرامهم وفاشيتهم، فما قام به الاحتلال التركي مؤخراً من جرائم قتل وإبادة جماعية بحق الشعوب في عدوانه واحتلاله لشمال وشرق سوريا وارتكابه لفظائع يندى لها جبين البشرية لم تعد بخافية على أحد وهي تكاد تكون صفة متجذرة ومتلازمة لكينونة الدولة التركية وميراث متوارث منذ عهد السلطنة العثمانية التي ارتكبت الفظائع بحق شعوب المنطقة من أرمن وسريان وكرد وعرب.

كما أن النوع الآخر من القتل الذي يعتبر من أكثر أنواع القتل المتعمد فظاعةً هو موت الضمير والوجدان العالمي المتمثل بالتزام الصمت من قِبل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب العالمي المتمثل بداعش والنصرة ومثيلاتها حيال قوات سوريا الديمقراطية التي قضت على هذا الإرهاب، وذلك عبر السماح للمحتل التركي مع مرتزقته الإرهابيين من داعش والنصرة الذين قام الطاغية أردوغان ونظامه بإعادة تدويرهم وإنتاجاهم بشكل رسمي ودعم ومساندة علنية أمام مرأى وأنظار كل من التحالف الدولي وروسيا رغم وجود عشرات الأدلة والوثائق والصور والفيديوهات التي تثبت انتماء متزعمي وأعضاء هذه المجاميع إلى كل من داعش والنصرة ومثيلاتها، والأنكى من ذلك هو قيام كل من التحالف الدولي وروسيا بتسيير دورياتها المشتركة مع المحتل التركي الداعم والمتبني لهذه المجاميع الإرهابية التي تدعي كل من التحالف وروسيا محاربتها؛ لا بل الطلب من قوات سوريا الديمقراطية بالابتعاد عن محاربتهم عبر اتفاقات بينية مع تركيا تسمح لها باحتلال الأراضي السورية (اتفاق ترامب اردوغان , واتفاق بوتن اردوغان ) فهل ثمة نِفَاقٌ دولي وعالمي أعظم وأكثر فظاظة من هكذا نفاق !!؟؟؟؟؟؟!!!

زر الذهاب إلى الأعلى