الأخبارمانشيت

أوجلان ورسالة السلام العالمي من إيمرالي

بعد أن دخلت الأزمة السورية نفقاً مظلماً يَصعُبُ الخروج منها، واستحال التكهن بنتائج الحلول المطروحة والمُقدَّمة من الأطراف المتدخلة التي كانت في مُجملها تصب في مصالح هذه الدول على حساب الشعب السوري وبعيداً عن مطالبه.

تتسارع الأحداث والمتغيرات على خريطة الصراع السوري وتتجه فيما يبدو أن الأزمة قد بلغت نهاياتها واكتملت اللمسات الأخيرة لإغلاق ملفها الدامي عَقِبَ المبادرة التي أطلقها من سجنه المفكر الكردي عبدالله أوجلان إسهاماً في حل هذه القضية الشائكة والمعقدة بعيداً عن الصِدام العسكري منذ ثماني سنوات ونيِّف انطلاقاً من نظريته في ترسيخ دعائم الديمقراطية في عموم الشرق الأوسط، وبدا ذلك واضحاً في الجولات المكوكية الأخيرة للمبعوث الأمريكي جيمس جيفري ومباحثاته مع الأتراك بخصوص المنطقة الآمنة واللجنة الدستورية وتبديد مخاوف تركيا المزعومة.

تأتي مبادرة المفكر الكردي عبدالله أوجلان لإحياء مسيرة السلام والديمقراطية في الشرق الأوسط كله ليس فقط للشعب الكردي بل لكافة مكوناته ليبرهن للعالم من جديد بأن النظرية التي يطرحها ( الأمة الديمقراطية) هي ترياق للسموم التي تسري في أجساد شعوب الشرق الأوسط  في ظل التناحر الطائفي والمذهبي والقومي وتسلط الأنظمة المستبدة؛ سعياً منه لرفع الظلم عن هذه الشعوب وضمان حقوقهم في دساتير البلاد عبر رسالته التي حمَّلها لمحاميه في 22 أيار والذي أكّد فيها أنه ” بإمكانه أن يلعبَ دوراً مهماً في فك ِّعُقَدِة الأزمة السورية مطالباً بضرورة الحل السلمي لقضايا المنطقة.

إشارات ودلالات كثيرة تحمل بين طياتها مبادرة قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان تلقفتها تركيا سريعاً، ويراها بعض المراقبين بأنها لا ترتبط فقط بالحسابات الداخلية لحزب العدالة والتنمية بل تتعلق بالوقائع المفروضة على الأرض والتطورات الإقليمية، ولقد آن الأوان لكلا الطرفين الاعتراف بالآخر وتبديد مخاوفه، وعلى الجانب التركي تقبُّل الوضع والقبول بدور لــ  قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في المنطقة الآمنة والجلوس إلى طاولة المفاوضات الجدية والمثمرة التي تصب في صالح عموم الشرق الأوسط بما فيه تركيا بعيداً عن سياسة الابتزاز والتهديد خصوصاً في وقت يتم فيه الحديث عن تأسيس أحزاب سياسية جديدة في تركيا تخرج من عباءة حزب العدالة والتنمية والتي قد تضع مستقبل هذا الحزب على المِحك إن لم يتم تصحيح مساره السياسي الذي ينتهجه في سوريا و باقي الدول ـ ليبيا ـ مصرـ.

وعليه يترتب على تركيا بالدرجة الأولى الانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها وفي مقدمتها عفرين  والاعتراف بأن الكرد سواء في الداخل أو الخارج؛ مكونٌ أصيلٌ ورقمٌ صعبٌ لا يمكن تجاوزه وأن مشروع الأمة الديمقراطية ليس تهديداً موجهاً ضد أي دولة أو أيَّ كيانٍ مستقل بل يدعوا إلى وحدة أراضي الدول وليس تجزئتها، وبناء على ذلك يمكن الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة السورية بعيداً عن الحلول الترقيعية أو أنصافها.

بدران الحسيني   

زر الذهاب إلى الأعلى