المجتمعمانشيت

أهالي شمال وشرق سوريا يرفضون المنطقة الآمنة الهادفة لتوطين وتغيير هوية المنطقة

لا هي منطقة آمنة ولا هي منطقة عازلة ولا هي منطقة أمنية أي حماية الحدود فماذا تكون إذاً.

بدايةً، إذا قمنا بتعريف المنطقة الآمنة من منظور القانون الدولي الانساني نجد بأنه لاوجود لهذا المصطلح في القانون الدولي الانساني واتفاقيات جينيف الاربعة لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها لعام 1977ولم ترد فيها مصطلح المنطقة الآمنة حيث ذكرت فيها فقط ثلاثة أنواع من المناطق وهي:

1- المناطق الطبية

2- المناطق المحايدة

3- المناطق المنزوعة السلاح “المنطقة العازلة”

يجب علينا التمييز بين المنطقة الآمنة والمنطقة العازلة وتكون منزوعة السلاح تشغلُها قواتُ حفظ السلام الدولية، ومن الأنواع الشائعة للمناطق العازلة: المنطقة منزوعة السلاح والمناطق الحدودية بين الدول، ومن الأمثلة الواقعية عليها، المنطقة العازلة بين القسمين، اليوناني والتركي في جزيرة قبرص، والمنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل في هضبة الجولان، أي أنّ المنطقة العازلة يتم فرضها أثناء النزاعات المسلحة، بالاتفاق بين الدول المتحاربة، أثناء الهدنة، ولا يمكن إقامة مناطق عازلة أو آمنة بدون عملية حظر للطيران، الذي يعد أحد أشكال العقوبات التي يوقعها مجلس الأمن على الدول بتصويت أغلبية الأعضاء، وهناك تعريف آخر للمنطقة، أنها مساحة من الأرض معزولة عن جوارها عسكرياً من البر والبحر والجو، أمّا قانونياً فهي تكون عادةً على الحدود حيث يكون جزء منها في أراضي دولة والجزء الآخر في أراضي دولة أخرى، وبالتالي يحصل الاتفاق على حدود المنطقة العازلة من أجل حفظ الأمن على الحدود ومنع تسلل الإرهابيين، ومنع التهريب، وغيرها من الأمور الأمنية الحدودية، ومن الضروري أن يتوفر حظر جوي لحماية المنطقة العازلة، وهذا يتطلب موافقة مجلس الأمن وهو المقصود به أن تنسحب الجيوش بطريقة متزامنة على أن تكون بينهما منطقة لا توجد بها دبابات أو أسلحة و يصدر مجلس الأمن قراراً باعتبار المنطقة عازلة، لتبتعد الدول المتحاربة عن بعضها بمسافة عدة كيلومترات  وعليه فأنّ المنطقة العازلة ذو مفهوم عسكري.

وأما المنطقة الآمنة هي منطقة لحماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، ويتم فرضها بمقتضى قرار من مجلس الأمن، كما يتم تكليف دولة أو اثنتين بتنفيذ هذا القرار بالقوة، ويمنع تحليق أي طائرات عسكرية حول هذا المكان، لعدم تعرض السكان للخطر، وتهدف إنشاءها إلى توفير التدخل الإنساني من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدورة ويتعرضون للتعذيب، من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وهذه الظاهرة ليست جديدة في العلاقات الدولية، فقد قامت الأمم المتحدة بالتدخل في عدد من الدول بهدف التدخل لحماية المدنيين وحماية حقوق الإنسان، وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية، إذن مفهوم المنطقة الآمنة مفهوم إنساني تخضع لقواعد القانوني الدولي الإنساني.

أما النقاط المشتركة بينهما أن الاثنتين تتطلبان قراراً من مجلس الأمن، وتتطلبان فرض حظر جوي ووجود قوات على الأرض.

الآن الجميع يناقش المنطقة الآمنة التي تنادي بها تركيا لإنشائها في شمال شرق سوريا بهدف حماية حدودها وأمنها القومي حسب مزاعمها، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تعرضت تركيا قبل وبعد الأزمة السورية لانتهاك على حدودها أو بالقرب منه أو اُطلقت رصاصة واحدة حتى ولو بالخطأ باتجاه الحدود التركية؟ لماذا هذا الافتراء وممن ستحمي حدودها؟ في الحقيقة الموضوع الأساسي ليس في حماية الحدود بل الأمر أخطر من ذلك وله أبعاد أخرى.

وبهذا الصدد أجرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي استطلاعاً تبين فيه أراء المواطنين حول ما يسمى بإنشاء المنطقة الآمنة.

عبد الجليل سلو حسن بلهجته العامية أستهل حديثه: أنا من أهالي حي الزيتونية القريبة من الحدود مع تركيا لا داعي للمنطقة الآمنة أصلاً، تركيا تريد بشكل أو آخر أن تهجم على مناطقنا وهوما يبرر عداءها المستمر للشعب الكردي، وباعتقادي هو هجوم وانتهاك لسيادة دولة، وبحسب مفهوم المنطقة الآمنة نحن بأمان نعيش فوق تراب وطننا ولا نتعدى على أحد ولكن إذا اعتدى علينا أحد لن نسكت وسندافع عن أرضنا وعن مكتسباتنا، لنا أقارب وأبناء في مناطق أخرى يراودني السؤال هل سننفصل عنهم بإنشاء هذه المنطقة؟ هل ستكون هناك حدود داخل حدود؟ حتى الآن لا استطيع تقبل الموضوع حتى ولو مجرد أن يكون حبر على ورق، نعيش على أرضنا ما علاقة الغير بنا.

موظف في إحدى هيئات الإدارة الذاتية الديمقراطية بمقاطعة قامشلو فضل عدم ذكر اسمه

ما يقال عن المنطقة الآمنة التي تود تركيا إنشاؤها وتصرُّ على أن تكون تحت رعايتها وتعتبرها ممر سلام، عار عن الصحة وأنا بدوري أصفه ممر للإرهاب لأن هذه المنطقة سالمة من قَبل وليست مكاناً للإرهاب، على العكس فهي أكثر المناطق أمناً واستقراراً في جميع أرجاء سوريا، ومنذ اندلاع الثورة السورية انتهجنا الخط الثالث بعيداً عن الطرفين المتصارعين وزاد في حديثة بالقول: نحن مع عودة اللاجئين إلى ديارهم و بإمكان أهالي شمال شرق سوريا الموجودين في تركيا العودة إلى وطنهم لكننا نعارض ولن نقبل بالمشروع التركي الاستبدادي في توطين سكان مناطق أخرى وأشخاص منخرطون في صفوف جبهة النصرة وداعش والمجموعات الإرهابية الأخرى التي كانت تدعمها بغية إحداث تغيير ديمغرافي، وتبديل هوية المنطقة هذا ما يرفضه جميع مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان وأرمن وشركس و…. جملةً وتفصيلاً، وبالتالي هي ليست منطقة آمنة أو كما تزعم تركيا من أجل حماية حدودها بل هي سياسة استعمارية من ورائها تبتغي إعادة أمجاد السلطنة العثمانية والدليل هو هجماتها المتواصلة على باشور كردستان، واحتلالها لعفرين ودخولها مدن في الشمال السوري “باب وإعزاز وجراابلس ودعمها اللامحدود للجماعات الارهابية والاستفزازات التي تقوم بها لجزيرة قبرص من خلال تنقيبها عن الغاز من أجل ذلك يجب وضع حد لسياسات تركيا التعسفية تجاه الدول المجاورة، هي مَنْ تعتدي، وهي التي تطلب منطقة آمنة كيف ذلك!!!

وبدورها التقت الصحيفة بمدرسة مادة الجغرافية من المكون العربي فقالت: منذ فترة وتركيا تعزف على اسطوانة إقامة المنطقة الآمنة في شمال وشرق الفرات ذات الغالبية الكردية وذلك بحجة الحفاظ على أمنها القومي حيث تحاول جاهدةً إيهام الرأي العام الدولي بأن هناك خطر يهدد أمنها القومي من الطرف الآخر من الحدود والعكس صحيح مناطقنا آمنة ولا تحتاج إلى منطقة آمنة، نحن من حاربنا من أجل الأمان ومن يحاربنا سنحاربه وسندافع عن وجودنا، لا نرضى بالذل، لن نستسلم لما تقوله تركيا الطامحة إلى توسيع نفوذها العسكري داخل الأراضي السورية، إن إنشاء منطقة آمنة برعاية تركية الداعمة للإرهاب والحاضنة للجماعات الارهابية الموالية لها ستزيد من العقبات أمام الحوار والحل السياسي وستطيل من عمر الأزمة السورية وتشعباتها وتخلق مشاكل للجميع، فتركيا بمشروعها هذا لا تضرُّ الكردَ وحدهم بل جميع مكونات المنطقة  فنحن نعيش على أرضنا التي حميناها بدماء شهدائنا،  ودماء شعوب المنطقة امتزجت مع بعضها، وعلينا التوجه نحو الحل معاً وأضافت المُدرِّسة قائلة: إن تركيا التي تهدف ظاهراً من إنشاء المنطقة الآمنة حماية حدودها وأمنها القومي كما تدعي هي، ولكن ما خفي أعظم، فالهدف الأساسي لها هو تغيير التركيبة السكانية للمدن والبلدات الواقعة على امتداد الشريط الحدودي بهدف محاربة مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية المبنية على أسس العيش المشترك وأخوة الشعوب، وتابعت: تركيا تعاني منذ القدم من العقدة الكردية، وفوبيا الكرد يلاحقها وترى في كل من يدعو إلى الحق الكردي خطراً يجب القضاء عليه، وقد ظهر ذلك جلياً في الانتهاكات التي مارسها جيشه المحتل ومرتزقته بحق الكرد في عفرين.

واختتمت المدرسة حديثها بالقول: ندين بشدة انتهاكات الدولة التركية بحق الشعب السوري كما أننا لا نعارض إنشاء منطقة آمنة لحماية الحدود تحت إشراف دولي ومنظمات حقوقية أملنا هو نشر الأمن والسلام لا على مناطق شمال شرق سوريا، بل على عموم سوريا ولكننا لا نقبل بمنطقة آمنة بشروط تركية.

ماموستا شيرين حج نوري من محمقيا بمدينة قامشلو هذا الحي الملاصق للحدود التركية، حيث استهلت حديثها بالقول: تركيا تخلق النزاع وتهدد حدودنا وهي التي بنت الجدار العازل على الشريط الحدودي واحتلت أجزاء من أراضي وطننا سوريا، بالنسبة لتركيا المنطقة الآمنة هو أن تكون منطقة خالية من وحدات حماية الشعب والمرأة”YPG-YPJ” وقوات سوريا الديمقراطية التي حمت مناطقنا وحاربت الارهاب بكل قواها وقدمت الآلاف من الشهداء الأبرار لنعيش بحرية وسلام لن نفرط أبداً بأي جزء من مكتسباتنا والتي تحققت بدماء أبنائنا وإرادة شعبنا التي لا تقهر إن لغة التهديد لا تعني القوة، فتهديدات الدولة التركية لا تظهر قوتها بل هذا دليل على إفلاسها سياسياً واقتصادياً ومن جميع النواحي، هناك مشاكل داخلية في تركيا تريد تصديرها وتوجيه الرأي العام إلى الخارج، هذه هي سمة الدولة التركية المراوغة واللعب على أكثر من وتر، وهذا ليس غريباً بالنسبة لنا.

إن أي هجوم تركي علينا في حال لم تقبل دول التحالف بمشروعها بإقامة المنطقة الأمنة سيعطي الفرصة لتنظيم داعش الإرهابي ليسترجع قواه والظهور من جديد، وجود داعش لا يؤثر علينا فقط، من جهتنا هزمناه عسكرياً، والآن نخوض نضالاً لنمنع ظهوره مجدداً، صحيح أن داعش هُزم عسكرياً، لكن تنظيمه مستمر عبر الخلايا المتخفية، لذا يُشكل خطراً أكبر من ذي قبل، سابقاً كان يخوض معاركه في منطقة معينة، أما الآن فخلاياه النائمة منتشرة في بقاع العالم؛ لذلك سيكون تأثيره السلبي كبيراً على كل القوى العالمية، والكثير من الدول ترفض التهديدات التركية لمنع عودة ظهور خطر داعش مجدداً، فعلينا تعزيز نضالنا مع أي جهة تحارب الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش كما يجب أن تكون حدودنا في شمال شرق سوريا آمنة والتهديدات التركية مازالت تشكل خطراً.

واختتمت شيرين حج نوري حديثها بالقول علينا مواصلة نضالنا في مقاومة  الاحتلال التركي وهجماته المتكررة وعدم السماح له بتنفيذ مشاريعه وأطماعه الدنيئة بمسيرات سلمية، وفعاليات نصب خيم اعتصام مناهضة للسياسة التركية حتى يصل صوتنا إلى العالم أجمع ويعلم أن شعوب شمال وشرق سوريا من كافة الأطياف والمكونات تقف ضد المشروع التوسعي للدولة التركية المحتلة.

إعداد: بارين قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى