مقالات

أصابع دولية تعبث بمصير الشعب السوري

إن في تاريخ الثورات والأزمات ومن المتعارف عليه؛ إنه بعد أن تنضج حالة الأطراف المتنازعة بالتسويات والتوافقات السياسية في تلك البلدان ومن بعدها يمكن لتلك البلدان أو الأنظمة أن تصُوغ دستوراً أو قانوناً لحكم البلاد.

ولو عدنا للوراء قليلاً من تاريخ سوريا الحديث ومنذ تأسيس الدولة السورية وخاصةً بعد التحرر من الاحتلال الفرنسي بمشاركة جميع مكونات الشعب السوري الذي انتفض ضد الاستعمار الفرنسي.

وبعدها مرت سورية بعدة سياسات وانقلابات عسكرية على الحكم وكان النزاع على السلطة في أوجه, حيث وُضعت عدة دساتير لتحكم بها البلاد بدءاً من دستور الملك فيصل مروراً بدستور حافظ الأسد بعد انقلابه العسكري على الحكم في 1973 وآخرها كان دستور بشار الأسد الذي عدل فيه عدة مرات ليرث الحكم من بعد أبيه,

ولكن هذا الدستور لم يكن يوماً يمثل إرادة الشعب, بل كان عبارة عن دستور يشدد على حالة الطوارئ في البلاد منذ ولاية الأسد الكبير حتى الوقت الراهن.

وكان للأسد حصة الأسد في أخذ القرارات في البلاد  حيث كان البرلمان السوري شكلياً أكثر منه مضموناً.

فهذه كانت الخطوة الأولى التي بدأ بها نظام الأسد البعثي باعتمادها ليكون حكماً أشبه بالملكية.

رغم أنه أسماها الجمهورية العربية السورية حيث سُلب الحقوق المدنية والشرعية للمكونات غير العربية وغير الإسلامية, وجعل مبايعة الشعب لعائلة الأسد تحت ضغط دكتاتوري تعسفي بمساندة دول خارجية, والآن نجد من جديد وفي سخونة الثورة التي قام بها الشعب لتنتفض ضد ذلك النظام الشوفيني الظالم؛ فتعود الحالة تتكرر لصياغة دستور سوري ليس لشعب سوريا فيها دور.

هذا لأن اللجنة المقررة لصياغة الدستور ما كانوا يوماً على أرض سوريا ولا عانوا من ويلات الحرب والجوع والحصار وما شاركوا في الدفاع عن سوريا لتحريرها من أشرس أنواع الإرهاب.

فشرعية هذه اللجنة تكمن في من شكلها، وهذا أكبر دليل على أن الأيدي التي تعبث بسوريا هي التي تريد أن تصوغ الدستور ليلائم مصالحهم لنهب ثروات سوريا بغض النظر عن مطالب الشعب وإرادة الشعب.

فنحن الشعب السوري لا نقبل هكذا لجنة ليس لها أي فضل في تحرير سوريا من الإرهاب المتمثل بداعش.

والموضوع الآخر هو هل وصلت سوريا إلى توافقات بين أطرافها المتنازعة؟

وهل انتهت سوريا من المناطق الساخنة التي لازال القصف على الشعب مستمر؟

فماذا سيفيد الدستور الذي يدعونه ولازالت الأطراف المعارضة والنظام السوري لم تصل إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف.

فندرك هنا أن تلك الدول لها المصلحة في استمرار الخلاف والنزاع لتخدم مصالحها الاستعمارية وأطماعها.                                                                                        وندرك تماماً حجم الخطورة الكامنة في هذا اللعب بمصير السوريين الحقيقيين الذين انتصروا في الثورة على الساحات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والخدمية حيث كان للإدارة الذاتية الدور الكبير في الدفاع عن ثلث الأراضي السورية وحمايتها وتحريرها من المحتل، وكان مشروعها في سوريا الأنجح على الأرض.

وبهذه المواقف الدولية المتناقضة تضع أمامنا إشارات استفهام هل هذه الأطراف تسعى للحل بجدية أم تسعى لمصالحها فقط.

فاللجنة التي ستحدد مصير مستقبل السوريين إن لم يكن فيها, ممثلين من الإدارة الذاتية فهي لن تمثل السوريين.

زر الذهاب إلى الأعلى