مقالات

أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك أستغرب

حسينة عنتر

لفت انتباهي هذا المثل الذي يتداوله الشعب المصري لِما يحمله من وجه التطابق بينه وبين ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزة حول تصرفات ترامب التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ففي الأمس زار الرئيس الامريكي برفقة زوجته مقرَّ قواته في محافظة الأنبار في العراق فجأة دون أن يلتقي بأي مسؤول عراقي، هذا بعد ما أعلنه ترامب في تغريدته.   الاربعاء19/12/2018 تضمنت الانسحاب من سوريا  وتزامنت معها تهديدات أردوعان ووعوده التي أطلقها بشن هجوم عسكري على شمال وشرق سوريا بحجة حماية حدوده المتاخمة وحماية أمنه القومي، في حين أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس والمبعوث الأمريكي للتحالف الدولي بريت ماكغورك استقالتهما رداً على قرار ترامب؛ كما نتج عن ذلك ردود فعل متفاوتة على الساحة الدولية والاقليمية معظمها رفضت قرار ترامب كفرنسا وكما أبدت وزارة الدفاع الهولندية قلقها إزاء قرار الانسحاب ولا ننسى بعض الدول العربية أيضاً، أما التي رحبت بقرار الانسحاب فكانت تركيا ورئيسها أردوغان وحاشيته العثمانية التي سرعان ما حشدت مدرعاتها وجيوشها قبالة الحدود السورية وخاصة في مدينة منبج، وفي المقابل ومن الجانب الآخر تقدم الجيش السوري أيضاً إلى محيط المدينة، وما يثير التساؤل الجدي لأفعال ترامب هل داعش انتهى في الحقيقة كما برر ترامب أم هناك صفقات ورؤوس أموال في المسألة ؟!

لوعدنا للذاكرة قليلاً؛ نلاحظ في أول زيارة خارجية قام بها ترامب بعد توليه رئاسة أمريكا كانت للسعودية وذلك بهدف قبض أجرة الحماية الأمريكية لدول الخليج وعلى رأسها السعودية من خطر إيران وكانت النتيجة فرض عقوبات على الأخيرة ولا نستغرب أن تكون غاية الانسحاب أيضاً هي الابتزاز، وما يثبت ذلك إعلان قائد قوات حلف شمال الأطلسي  الجنرال الأمريكي كورتيس سكاباروتي أن الولايات المتحدة تأمل في أن تتخلى تركيا عن شراء منظومات الصواريخ الروسية المضادة للطائرات من طراز أس-400 وبالتالي كشف الجنرال عن أن واشنطن حذَّرت أنقرة من عواقب مثل هذه الخطوة، فبادرت أنقرة على الفور موافقتها على شراء نظام صواريخ باتريوت الأمريكية بملايين الدولارات. نستخلص من هذا كله إن ما يجري على الساحة السورية هي عبارة عن تحقيق مصالح وأجندات كل الدول الضالعة في الشأن السوري وإن كانت بدرجات متفاوتة فـ أردوغان مصلحته في كسر شوكة الكرد وإفشال تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية، وروسيا لها مصالح مادية واستراتيجية، وكذلك إيران وأكثر الدول الاقليمية لها مصالح، فالأرض السورية أصبحت مستباحة للجميع والدليل على ذلك تهديدات الدولة التركية الفاشية بأنها ستشن هجوماً على مناطق شمال وشرق سوريا على الرغم من أن هذه المناطق هي الوحيدة في سوريا التي تعيش بشكل مستقر وآمن على خلاف ما يزعمه أردوغان  بأن مناطق شمال وشمال شرقي الفرات تهدد أمنه القومي.

كما ذكرنا أن تركيا ستفعل كل شيء لتحقيق مآربها فتمول الإرهاب وتجنده تحت أمرتها بمسميات عدة وعلى اختلافها من جبهة النصرة أو تنظيم داعش الارهابي أو جيش الاسلام أو……….

كل هذه التنظيمات الارهابية التي أرعبت العالم بممارساتها العدوانية اللاأخلاقية من قتل ونهب واغتصاب ضد المدنيين العزَّل عمدت إلى جعل المدنيين دروعاً بشرية لتحقيق مآربهم، وعفرين خير مثال على ذلك، وما علينا إلَّا أن نستمر في فضح هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة على يد الجيش التركي ومرتزقته.

زر الذهاب إلى الأعلى