تقاريرمانشيت

أدوات ترمب البيضاء الملوثة

اعداد وتقديم: حسين فقه

تتضح يوماً بعد يوم تفاصيل وخفايا ما حدث من غوغائية في الهجوم على مبنى الكابيتول، الأربعاء الفائت 6 يناير، بعد تحريض ترمب لمؤيديه للقيام بأعمال الشغب والعنف لاعاقة الكونغرس من التصديق على انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، والتي أسفرت عن قتلى وجرحى في ظاهرة هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة والتعدي على رمز الديمقراطية الأميركية،  و بعد حركة “كيو آنون” ظهر أن هناك غيرها من الحركات المشبوهة تقف وراء الأفعال القذرة التي شهدتها مظاهرات واشنطن تأييداً لترمب، ومن هذه الحركات جماعة (براود بويز).

وعلى خلفية الهجوم على الكابيتول الذي تجاوز صداها حدود الولايات المتحدة، قال وزير الأمن والسلامة الكندي: “ندرس إدراج جماعة (براود بويز) الأمريكية اليمينية المتطرفة على قائمة الإرهاب”.

فمن هم جماعة (براود بويز)؟

“براود بويز ـ  الفتية الفخورون”

براود بويز أو الفتية الفخورون هي جماعة يمينية متطرفة يتشكل جل أعضائها من الذكور فقط، تعد الجماعة مناصرة لأيديولوجية الفاشية الجديدة و”الدفاع عن القيم الغربية” و “رفض الاعتذار عن خلق العالم الحديث” ومؤيدة لتوجهات دونالد ترامب، كما تروج وتشارك في العنف السياسي في الولايات المتحدة.

برزت الجماعة حديثاً وبالرغم من رفضها للعنصرية رسمياً، إلا أن العديد من أعضائها ينتمون إلى جماعات “سيادة العرق الأبيض” مما حذى بمؤسسات الاستخبارات الأمريكية إلى وصفهم “بأخطر مجموعة متعصبة للبيض”.

تأسست المجموعة في عام 2016 من خلال مجلة تاكي ذات التوجه اليميني المتطرف تحت قيادة المؤسس المشارك لشركة إعلام فايس الكندية والمعلق السابق غافن ماكننيس الذي وصفها بأنها أخوية أو “نادي للرجال”، فيما اشتق اسمها من أغنية “Proud of Your Boy” من عرض مسرحية ديزني الموسيقية علاء الدين لعام 2011.

على الرغم من ظهور الجماعة كجزء من جماعة اليمين البديل، إلا أن غافن ماكننيس نأى بنفسه عن هذه الحركة في أوائل عام 2017، قائلاً إن تركيز جماعة الأولاد الفخورون كان على “القيم الغربية” أو  (alt-light ـ أي الحق الجديد) وليس اليمين البديل المرتكز على العرق.

الأولاد الفخورين كأداة  لترمب والعرق الأبيض 

أدت أحداث احتجاجات شارلوتسفيل المؤيدة لسيادة العرق الأبيض عام 2017 إلى محاولة الجماعة تكثيف جهودها بغية تغيير نهجها المرتبط بالمتعصبين البيض. منذ أوائل عام 2019، تولى إنريكي تاريو منصب رئيس مجلس إدارة الجماعة.

تأسست “براود بويز” وهي جماعة يمينية متطرفة، عام 2016، وعرفت بطرحها المناهض للمهاجرين وأصحاب البشرة السمراء، والنساء، والذي يعلي من شأن البيض، ولا يمانع في استخدام العنف ضد الخصوم السياسيين.

ويدافع عناصر الجماعة بقوة عن الرئيس ترامب، حيث يعتبرون أنه يعكس معتقداتهم ويلبي مطالبهم المتمثلة في “عودة أمريكا العظمى، إغلاق الحدود، توفير السلاح للجميع، تمجيد رواد الأعمال، وإبقاء النساء في البيوت”.

وتصف المجموعة التي لا ينتسب لها غير الذكور، نفسها بأنها ملاذ “للشوفينيين الغربيين”، كما أنها مثلت رأس الحربة في مواجهة الجماعات اليسارية، وتغلغل الأقليات في المجتمع الأمريكي.

واعتمدت براود بويز لباساً موحداً مفضلاً من قمصان البولو وقبعات حمراء تحمل شعار “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وهو شعار رفعته حملة الرئيس الأمريكي ترامب، الذي رفض أدانة عنف المجموعة في مناظرة مع منافسه جو بايدن.

وبحسب تقارير إخبارية تنسق “براود بويز” مع مجموعات يمينية متطرفة أخرى، تجنح إلى ممارسة العنف ضد الخصوم، مثل مجموعة “وحدوا اليمين” أو “اليمين البديل”، من أجل تنظيم أنشطة مشتركة.

واتهم أعضاء من المجموعة بممارسة أعمال عنف ضد نشطاء، حيث حكم على اثنين منهم بالسجن 4 سنوات؛ بعد اتهامهم بمهاجمة متظاهرين خارج فعالية للحزب الجمهوري في مدينة نيويورك، عام 2018.

وعناصر هذه الجماعة يؤيدون ترامب بشكل جنوني ويرون بأنه يدافع عن معتقداتهم وأفكارهم وشعاراتهم التي تقول “عودة أميركا العظمى. أغلق الحدود. أعطي الجميع سلاحا. مجدوا رواد الأعمال. والمرأة دورها أن تكون ربة منزل”.

والكثير من عناصر “براود بويز” هم سجناء سابقين أو في سجلهم قضايا عنف وغيرها، إلا أنها تتوسع بشكل كبير وتندمج معها جماعات يمينية متطرفة تشبه توجهاتها.

اليمين البديل

اليمين البديل هي مجموعات ضعيفة الارتباط وغير محددة جيدا من جماعة سيادة البيض الأمريكية ذات القومية البيضاء والمعادية للسامية من النازيين الجدد والفاشيين الجدد والكونفيدرالية الجديدة ومنكري الهولوكوست وأصحاب نظرية المؤامرة من مجموعات الكراهية في اليمين المتطرف. يتقاطع اليمين البديل ويمتزج جزئيا مع أفكار حركة حقوق الرجال والذين قام بعضهم –وليس كلهم- بمدح اليمين البديل.

وُصفت معتقدات اليمين البديل بأنها انعزالية وحمائية ومعادية للسامية وداعمة لسيادة البيض، والتي تتقاطع كثيرا مع النازية الجديدة، والهوياتية، والأهلانية، ورهاب الأجانب، والإسلاموفوبيا، ومكافحة الجهاد، ومعارضة الهجرة، ومناهضة الأنثوية، وكره النساء، ورهاب المثلية، ورهاب التحول الجنسي، والشعبوية اليمينية.

ارتبط المفهوم بالعديد من الجماعات مثل المحافظين الأصليين، واللاسلطوية الرأسمالية والأناركية القومية، والمسيحية الأصولية، وحركة حقوق الرجال، وحملة دونالد ترامب الرئاسية 2016. أطلق داعم سيادة البيض ريتشارد سبنسر المصطلح لأول مرة في 2010 في إشارة إلى حركة متمركزة حول القومية البيضاء، طبقا لأسوشيتد برس، إذ فعل ذلك في محاولة لإخفاء العنصرية وسيادة البيض والفاشية الجديدة والنازية الجديدة.

جذب المصطلح الكثير من اهتمام وسائل الإعلام كما أطلق جدلاً واسعاً أثناء وبعد انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016. اشتملت رئاسة دونالد ترامب على العديد من الشخصيات المرتبطة باليمين البديل مثل ستيفن ميلر المستشار السياسي للرئيس، وجوليا هان رئيسة المكتب التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة، ومايكل فلين مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، وسباستيان غوركا رئيس المكتب التنفيذي للولايات المتحدة السابق، وستيف بانون المسؤول عن استراتيجية البيت الأبيض. في 2016 وصف بانون بريتبارت (منظمة إخبارية على الإنترنت) بأنها “منصة اليمين البديل” والتي تهدف إلى دعم الأيدولوجيا. بعد انتخاب ترامب، دعم العديد من المرشحين الجمهوريين الآخرين الحركة مثل روي مور وكوري ستيوارت وجوش مانديل وجو أربايو وبول نيلن. على الجانب الآخر، انتقد جمهوريون ومحافظون مثل بين شابيرو وكوري غاردنر وأعضاء من مؤسسة الإرث المحافظة، انتقدوا اليمين البديل لعنصريته ولمعاداته السامية ولتعصبه.

طبقا لتقرير مركز قانون الحاجة الجنوبي في فبراير 2018، فإن أكثر من مائة شخص قُتلوا وجُرح 13 بيد أعضاء اليمين البديل منذ 2014. تجادل السياسيون والقادة حول اعتبار الحركة إرهابية أو حركة متطرفة. عبر التقرير عن مخاوف جسيمة بخصوص اليمين البديل، قائلا أن أيدولوجيته تعمل على تطرف الشباب البيض من الرجال خاصة كما ألهم هجوم تورنتو 2018، وإطلاق النار في كنيسة تشارلستون، وهجوم مسجد كيبيك 2017، وهجوم الدهس في رايت آلي، وحادثة إطلاق نار كنيس بيتسبورغ، بالإضافة إلى أحداث هجوم وتصرفات عنيفة أخرى متعددة ولكن أقل شهرة. في 2017، كانت قائمة الحوادث الإرهابية والعنف المنتسبة إلى اليمين البديل هي السبب الرئيسي للعنف والتطرف في الولايات المتحدة، طبقا لرابطة مكافحة التشهير.

ليّ عنق الحقيقة

وفي محاولة للي عنق الحقيقة حاول ترمب أن يبعد الشبهات عن نفسه وعن الحركات الداعمة له، ذكر موقع أكسيوس أن ” ترمب ألقى باللائمة على حركة (أنتيفا) اليسارية بشأن اقتحام الكونغرس خلال حديث خاص”.

وقال ترمب عبر حسابه في تويتر “إنها أنتيفا واليسار الراديكالي. لا تلقي اللوم على الآخرين!”.

وهذا ديدن ترمب في ابعاد الشبهات عن نفسه وعن أدواته الملوثة بالعنصرية والفاشية، وما اتهام حركة أنتيفا إلا محاولة لشيطنتها ليقول بعدها: “أن أدواته من حركات تمجد العرق الأبيض يحبون أميركا”، وأخيراً دعونا نتعرف على حركة أنتيفا.

ما هي حركة أنتيفا وما هي أهدافها؟

 وحركة أنتيفا (بالإنكليزية: Antifa)‏ هي حركة محتجين يسارية مناهضة للفاشية والنازية ومعارضة للرأسمالية والنيوليبرالية واليمين المتطرف، ويعتنق أغلبهم الأفكار الشيوعية والاشتراكية واللاسلطوية مع بعض الأفكار الليبرالية.

أنتيفا – هي اختصار لـ “مكافحة الفاشية” – وهو اسم الجماعات المناهضة للعنصرية ذات الميول اليسارية المنضوية تحت الحزب الديمقراطي والتي تراقب وتتبع أنشطة النازيين الجدد المحليين. وليس للحركة هيكل موحد أو قيادة وطنية، ولكنها ظهرت في شكل هيئات محلية في جميع أنحاء البلد، ولا سيما على الساحل الغربي.

كما أن بعض هذه المجموعات، مثل منظمة روز سيتي أنتيفا، وهي منظمة تبلغ من العمر 13 سنة وتقع في بورتلاند، وهي أقدم مجموعة أنتيفا في الولايات المتحدة، وهي منظمة تنظيماً جيداً ونشطة بشكل خاص على الإنترنت وعلى فيسبوك، في حين أن أعضاءها مجهولون بشكل فردي وفقا لما أوردته The USA Today الأميركية.

متى بدأت؟

الجماعات المناهضة للفاشية، وخاصة في أوروبا، كانت موجودة منذ عقود عديدة، لا سيما في إيطاليا، ضد موسوليني، وفي ألمانيا، ضد هتلر.

وفي فترة ما بعد الحرب العالمية، عادت جماعات Antifa أنتيفا لقتال الجماعات النازية الجديدة، وخاصة في ألمانيا. وفي الولايات المتحدة، نمت الحركات المناهضة للفاشية من رحم السياسات اليسارية في أواخر الثمانينيات، وفي المقام الأول تحت مظلة العمل المناهض للعنصرية.

ماذا تريد الحركة؟

الهدف الأساسي لهذه الحركة، كما تزعم هو منع النازيين الجدد والمتفوقين البيض من الحصول على منصة بدلاً من الترويج لجدول أعمال مضاد قد لا يكون كافياً. وتزعم هذه الحركة أنها مناهضة للعنصرية، ولكن أيضاً بشكل عام يسارية ومعادية للرأسمالية ومعادية للجنس ولرهاب المثلية.

كيف تعمل المجموعات؟

ويقول مارك براي ، وهو محاضر في دارتموث ومؤلف الكتاب الجديد Antifa: The Antifascist، إن الجماعات “تنظم حملات تثقيفية، وتبني تحالفات مجتمعية، وتراقب الفاشيين، وتضغط على المواقع لإلغاء أحداثهم، وتنظيم تدريبات للدفاع عن النفس لمواجهة أقصى اليمين عند الضرورة”.

والهدف الرئيسي هو محاولة حرمان الفاشيين من إيجاد منتدى عام أو ملتقى، ولهذا السبب يتحولون بأعداد لمواجهة النازيين الجدد و البيض في المظاهرات العامة. كما يتدخلون لحماية المتظاهرين في مثل هذه الأحداث.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن Antifa نشطة بشكل خاص في مواجهة النازيين الجدد والأفراد ذوي التفكير المماثل ونشر هذه المعلومات الخاصة للجمهور وأرباب العمل لثني الناس عن الانضمام إلى صفوفهم.

هل أنتيفا تؤمن بالعنف؟

من الواضح أن الأعضاء يؤمنون بالعنف وهو من أدبيات هذا التنظيم ولا يتجنبون العنف بل يرون أنفسهم على أنهم منخرطون في “الدفاع عن النفس”، وحماية المتظاهرين الآخرين ومواجهة النازيين الجدد والمتفوقين البيض في المقام الأول لحرمانهم من منصة لنشر آرائهم علناً. وتقول صفحة “روز سيتي أنتيفا” على فيسبوك: “نحن لا نعتذر عن حقيقة أن محاربة الفاشية عند بعض النقاط تتطلب تشدداً جسدياً”.

وقال الناشط السياسي والمؤلف كورنيل ويست في حديث مع إيمي جودمان في برنامج الديمقراطية الآن حول الاشتباكات في شارلوتسفيل عام 2017 ، إن أنتيفا تدخلت عندما تحرك “الفاشيون الجدد” ضد مجموعة من المحتجين. وقال “كنا سنهزم مثل الصراصير لولا الأناركيين والمناهضين للفاشية”، في اشارة الى أنتيفا.

ويقول براي إن صعود الفاشية في ثلاثينيات القرن العشرين يوضح أنه كان من الخطأ السماح لهذه الجماعات بالتعبير عن آرائها على أمل أن يؤدي الرأي العام إلى الحد من نموها. ويحذر برادي بالقول: “يجب أن نكون حذرين من أولئك الذين هم أكثر حزناً بشأن الانتهاكات المزعومة لخطاب الفاشيين من العنف الفعلي الذي يرتكبونه” في إشارة أيضاً إلى أنتيفا.

فهل بعد هذا نصدقك يا ترمب بأن أنتيفا استجابت لنداءاتك التحريضية على الكابيتول؟…إلعب غيرها!!

زر الذهاب إلى الأعلى