حواراتمانشيت

آلدار خليل: الثورة هي كل ما نملك و ضحاك اليوم أقوى من ضحاك التاريخ

بالتزامن مع الذكرى السنوية السوداء الثالثة لاحتلال عفرين، وكذلك قرب عيد نوروز، تحدث عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYDآلدار خليل لوكالة أنباء هاوار حول مجمل المستجدات الأخيرة في المنطقة.

خليل هنأ بداية “جميع أبناء شعبنا بمناسبة عيد نوروز، وبشكل خاص ذوي الشهداء، وشعبنا المقاوم. نوروز رمز الحرية والمقاومة”.

وأضاف “واستذكر جميع الشهداء وأنحني إجلالاً لذكراهم، ونجدد العهد بالالتزام بنهج الشهداء الذين حققوا هذه المكتسبات وحققوا آمال شعبنا. ونعاهد بتصعيد نضالهم”.

التدخلات الخارجية أخرجت الثورة السورية عن مسارها

وحول واقع الأزمة السورية في ذكراها السنوية العاشرة، قال خليل: “شعب سوريا عندما صرخ من أجل الحرية والكرامة، كان يطالب بالعيش بحرية، وخرج إلى الميادين على ذلك الأساس، ولكن بعد عدة أشهر تدخلت العديد من الدول وغيرت مسار الثورة. الشعب السوري لم يكن يرغب بالثورة من أجل أن تظهر بعض المجموعات وتعتاش على الثورة. لكن دولاً مثل تركيا بشكل خاص غيرت مسار الثورة، وبدلاً من أن تكون ثورة لأجل حرية الشعب السوري والتخلص من النظام المركزي والتحول نحو النظام الديمقراطي، تدخلت الدولة التركية وحرفت الثورة عن مسارها لأنها تخشى من ديمقراطية سوريا”.

وأضاف خليل: “تركيا دائماً لها اليد العليا في مشاكل وأزمات دول الشرق الأوسط. نحن واثقون أن عدم تدخل تركيا كان من شأنه أن يغير مسار الثورة.

بعد سقوط النظام العراقي، وتأسيس الفدرالية، تركيا أعلنت ندمها بعدم التدخل والسماح للعشائر بالتحول إلى دولة بحسب قولها، لذلك فإن أحد أسباب تدخل تركيا في سوريا هو منع أي دور للكرد في الحل السوري، وأن لا يكون للكرد أي دور، كما حصل في العراق. لذلك تدخلت في سوريا.

ثورة شمال وشرق سوريا تجسد روح نوروز

خليل شدد على أهمية روح المقاومة، ووحدة الشعوب الذي يمثله عيد نوروز في ثورة شعوب شمال وشرق سوريا، وقال بهذا الصدد: “في شمال وشرق سوريا وبشكل خاص في روج آفا، بدأنا الثورة في الوقت الذي انتهت فيه المعارضة في سوريا وتحولت إلى مجموعات في يد تركيا. لذلك قررت حركتنا في روج آفا تعزيز المشروع الديمقراطي في سوريا، وتمثيل حقيقة الثورة السورية. وبروح شهر آذار وروح نوروز بدأت ثورة روج آفا بناء على فلسفة الأمة الديمقراطية، والمكتسبات التي تحققت حتى الآن هي نتائج لهذه الفلسفة. وكانت رداً على أمرين؛ الأول كانت رداً على النظام الذي لا يرغب بإحداث أي تغيير، والثاني كانت رداً على النظام التركي الذي حاول إعاقة المسيرة الديمقراطية في سوريا. ولا يزال هذا النضال متواصلاً بروح شعلة نوروز. وظهرت ثورة 19 تموز لتكون طليعة الثورة السورية”.

وتابع خليل “الثورة ما زالت مستمرة، على الجميع أن يعرف أننا نمر بمرحلة صعبة، وهي مرحلة الثورة، وعندما نقول الثورة فإننا نقصد أن الثورة أمر مقدس، الثورة تعني التغيير، وتعني بناء نظام جديد، عقلية جديدة، الثورة تحقق الحرية وإدارة المجتمعات، ونحن ما زلنا في المراحل الأولى من الثورة. البعض تخيل أنه سوف يحقق ثورة رخيصة خلال أيام، ولكن الثورة حراك يستمر لسنوات طويلة. ونحن ما زلنا في المراحل الأولى. ما زالت هناك مخاطر وتهديدات، من مختلف الصعد. أي أننا في ثورة مستمرة. في مراحل الثورة قد نحقق النصر وقد نتعرض أحياناً للانتكاسات.

على سبيل المثال مع ثورة 19 تموز تم تحقيق العديد من المكاسب الكبيرة، يتم التعليم باللغة الأم، الكردية والعربية السريانية، هذه كلها مكاسب، تم بناء نظام للإدارة، والخدمات، ونظام للدفاع والحماية، الشعب ينظم ويدير شؤونه، تم تأسيس الكومينات. جميع هذه الأمور ما زالت في مراحل البناء. ولكنها مكاسب، أي أننا حققنا هويتنا كشعب يدير شؤونه، ولا توجد أمثلة لذلك في الشرق الأوسط. جميع الذين أعلنوا أنفسهم ممثلين عن الثورة السورية في بداية الثورة، تلاشوا ولم يبقَ منهم أحد. نحن فقط بقينا ونحن فخورون بهذه المكاسب، ولكن في المقابل قدمنا الكثير من التضحيات، قدمنا 12 ألف شهيد، والآلاف من الجرحى، وتم احتلال عفرين وسري كانيه وكري سبي، جرابلس والباب وإعزاز، وما زالت هناك تهديدات قائمة، هذه كلها مصاعب عانينا منها، وما زلنا نعاني منها.”

كما أكد خليل على إصرارهم على النضال المتواصل حتى تحرير عفرين وباقي المناطق المحتلة، وأضاف: ” في هذه الأيام التي نستقبل فيها نوروز، فإننا نعيش أيضاً مشاعر احتلال عفرين، وانطلاقاً من روح نوروز وروح المقاومة، فإننا على الدوام نجدد العهد بتحرير عفرين، وقرارنا هو أنه طالما الثورة مستمرة فإننا مجبرون على النضال حتى تحرير عفرين، ولا يمكننا أن نتوقف. ولكن العدو ما زال يهاجمنا. لذلك نحن نسعى إلى تجسيد المعنى الحقيقي للثورة، مثلاُ لكي لا نتأثر بالعقوبات والأوضاع المحيطة بنا يجب أن يتم بناء اقتصاد الثورة، أن تكون قوتنا لنا، وإدارتنا لنا، أي أن نعتمد على قوتنا الأساسية.

لقد حققنا الانتصارات أيضاً، فمثلاً لولا المقاومة التي يبديها المقاتلون في عين عيسى لكان مصيرها مثل عفرين، ولكن لا أحد يتحدث عنها، وفي عفرين هناك مقاومة مستمرة من قبل قوات تحرير عفرين، ولكن لا أحد يتحدث عنها، بل يروجون لما يقوم به المحتل. فبعد نوروز سوف نستقبل ذكرى تحرير الباغوز وانتهاء داعش، لقد كان ذلك النصر هدية للعالم أجمع، وهذا بحد ذاته نصر كبير يجب أن يتم كتابة الملاحم عنه.”

يهاجمون الثورة لأنهم لا يريدون انتصار المشروع الديمقراطي

وجاء في حديث آلدار خليل : إننا نعيش ثورة، ولكن الثورة تتطور خطوة بخطوة، ولأن القوى المعادية تعلم ذلك، لذلك يهجمون بعنف على الثورة، لا يرغبون بانتصار المشروع الديمقراطي، وتطور هذا النموذج في المنطقة. وكذلك الأمر بالنسبة للنظام. البعض يقول إن عقلية النظام ما زالت العقلية السابقة، ولا يقبل التعددية، ولا يقبل حرية الفكر، نعم هذا كله صحيح، وهي من صفات النظام. ولكن هناك سبب آخر لعدم قبول النظام التعامل مع الإدارة الذاتية، رغم علمه أن الإدارة الذاتية لا تسعى إلى تقسيم سوريا، ولا تتسبب في الصراع بين الشعب السوري، وعلى العكس فهي تساهم في تقوية سوريا، ولكن لماذا لا يقبلون الإدارة؟ لأن النظام لا يستطيع تحمل عبء هذه الإدارة، فإذا قبلت فهذا يعني أنها تقبل المشروع الديمقراطي، وإرادة الشعوب، وبشكل خاص إرادة الشعب الكردي الذي يقود طليعة هذا المشروع. والنظام لا يستطيع لوحده القبول بإرادة الشعب الكردي، فإذا لم تصادق تركيا، النظام لن يستطيع ذلك. إذاً الموضوع متشعب.  لكننا فخورون بأننا حقننا ثورة، وحققنا الخطوات الأولى للثورة ويجب أن نواصل هذه الثورة”.

الدولة التركية تستهدف روح نوروز

خليل أشار إلى أهمية روح نوروز في تعزيز النضال المشترك بين الشعب: “عندما احتلت الدولة التركية عفرين، فإن أول عمل قامت به عند مدخل المدينة هو تحطيم تمثال كاوا الحداد، بمعنى أن العدو يوجه رسالة بأنه سوف يحطم رمز نوروز، لأن نوروز يرمز للنضال والمقاومة، وهي سوف تحطم رمز المقاومة. نوروز أصبح رمزاً تستلهم منه جميع شعوب روج آفا وشمال شرق سوريا ويواصلون النضال بروح مقاومة نوروز. لأن يوم نوروز في التاريخ، هو نفس اليوم الذي اتحدت فيه القبائل والشعوب الكردية مع باقي الشعوب وأشعلوا نار نوروز، أي الكرد وباقي المكونات هي التي حققت المقاومة،  وهذا ما نقوله ونفعله اليوم، وهو أن تعمل جميع الشعوب سوية من الكرد والعرب والسريان والتركمان الشيشان وغيرهم من أجل انتصار الثورة. وعليه فإننا نجسد المعنى التاريخي لنوروز، فكما أن شعوب المنطقة حققت ثورة بقيادة الشعب الكردي في ذلك التاريخ، فإننا اليوم وفي ثورة 19 تموز نسعى إلى انتصار هذه الثورة بروح  نوروز”.

ضحاك اليوم أقوى من ضحاك التاريخ

“يوجد العديد من أمثال ضحاك في يومنا الراهن، فضحاك الذي ظهر في عام 612 قبل الميلاد كان يمارس ظلماً وقمعاً كبيراً ضد الشعوب التي تحت سيطرته. وفي يومنا الراهن هناك وضع مشابه، حيث لم يعد الناس يتعرضون فقط للظلم الجسدي، بل هناك ظلم متعدد الأوجه، يتم إنكار وتشويه تاريخنا ولغتنا، يتم القضاء على ثقافتنا، وهناك هجمات عسكرية يومية، يتم ضرب المجتمع اقتصادياً، وضرب القيم الاجتماعية، ويسعون لإدخال ثقافة غربية مختلفة إلى مجتمعنا، والترويج للمخدرات والدعارة وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى القضاء على هوية مجتمعنا. بمعنى أن نماذج ضحاك القرن الحادي والعشرين، أكثر ظلما بـ 21 ضعفاً من الضحاك السابق، فهم أكثر قوة وأكثر تنظيماً، ويهاجمون بعنف أكبر على شعبنا وعلى مشروعنا الديمقراطي”.

الثورة هي كل ما نملك

وأضاف خليل أيضاً: “الدولة التركية لديها مخطط موسع، وهي ليست لوحدها، وهي قررت استهداف ثورة شعبنا بشكل متواصل، على شعبنا أن يعلم أن هذه الثورة هي كل ما نملك، ويجب أن نستنفر كل قوانا من أجل انتصار هذه الثورة. يجب ألا نقع تحت تأثير الدعاية التي يمارسها العدو، بل يجب أن نعتمد على مصدر قوتنا، والعدو يعرف ما هو مصدر قوتنا، لذلك يستهدفها. فنحن مثلاً نعتمد على فكر الأمة الديمقراطية، والعدو يقول إن هذا الفكر هو فكر القائد عبدالله أوجلان، بمعنى أن العدو يطلب منا الابتعاد عن فكر الأمة الديمقراطية، أي الابتعاد عن مصدر قوتنا. يجب أن تكون هناك فلسفة نلتزم بها من أجل الثورة، ونحن اخترنا هذه الفلسفة. والقائد أوجلان هو قائدنا، ويتبع فلسفة من أجل الحرية. وإذا تركنا هذه الفلسفة لن تبقى هناك ثورة.

ما نقوله لشعبنا هو أنه طالما أنك تريد الثورة والانتصار، فإن طريق الانتصار يمر عبر هذا النهج، نهج المقاومة. لكن العدو يسعى إلى إبعادنا عن هذا النهج.”

المجلس الوطني اختار جبهة أعداء الكرد

وحول مواقف المجلس الوطني الأخيرة قال خليل: ” الجبهة التي ينتمي إليها المجلس الوطني الكردي، ليست جبهة وطنية، بل ينتمي إلى الجبهة التي تحتل وطننا، الجبهة التي تعمل على القضاء على وجودنا في عفرين، وإجراء التغيير الديمغرافي وتغيير هوية المنطقة وتوطين الغرباء في ديارنا. هذه  هي الجبهة التي ينتمي إليها المجلس الوطني. الائتلاف يقول إن عفرين محررة، بينما نحن نقول إن عفرين محتلة، لكن المجلس الوطني بقي في الوسط، فإذا قال إن عفرين محتلة سيتعارض قوله مع ما يقوله حلفاؤه، لذلك فإن المجلس الوطني حالياً بدون هوية، يجب أن يكشف عن هويته. إذا أراد المجلس الوطني العمل بموجب المسؤوليات الوطنية، والدفاع عن قوميته، وتحقيق الوحدة الوطنية، عليه أن يكشف عن مواقفه الوطنية. لا يمكن أن تكون مع العدو ومع شعبك في الوقت نفسه. على سبيل المثال يخرج أحدهم ويقول إن الائتلاف وافق على الاحتفال بعيد نوروز في عفرين، وكأن قضية عفرين هي الاحتفال بعيد نوروز. عفرين محتلة، يتم القضاء على عفرين. في بيانهم الأخير لا يصرحون بأن عفرين محتلة، لا يسمون الدولة التركية بالاحتلال. بل يطالبون الدولة التركية بالحد من انتهاكات المرتزقة ضد الشعب. أي أنهم يقبلون الاحتلال.

نحن حالياً نبذل المساعي من أجل التوافق مع المجلس الوطني، وما زلنا مستعدين لذلك، ولكننا نحتار في وضعهم. فكيف سوف يتعاملون معنا، هل سيظل قسم منهم مع الائتلاف وقسم منهم معنا مثلاً. أم أنهم سوف يتخلون عن الطرف الآخر، أم سيبقون مع الطرف الآخر.

بالنسبة لنا عفرين جرح كبير، ومن أجل عفرين لوحدها لا يمكننا أن نتوافق مع الائتلاف، لذلك على المجلس الوطني أن يعلم أننا نستطيع أن نتفق معهم، لكننا لن نتفق مع الائتلاف طالما عفرين محتلة. وعليه فإننا لن نستطيع أن نذهب إلى الائتلاف، لكن المجلس الوطني بإمكانه التخلي عن الائتلاف والانحياز إلى جانب شعبه. نأمل أن يستوعب المجلس الوطني ذلك، وأن ينحاز لجبهة الشعب، ليس بالأقوال، بل بالأفعال.

خليل شدد في ختام حديثه على أهمية اتخاذ التدابير اللازمة أثناء الاحتفال بعيد نوروز، وقال : “على أبناء شعبنا أثناء الاحتفال بأعياده اتخاذ التدابير اللازمة، ولكننا في حالة ثورة، ويجب أن تنتصر الثورة، ولكي تنتصر، يجب أن نجعل من أيام نوروز أياماً لتعزيز تنظيمنا ووحدتنا، والتقليل من نواقصنا، واستقبال المرحلة المقبلة بروح نوروز، يجب أن يكون نوروز فرصة لتجديد العهد، يجب تحرير عفرين وسري كانيه وكري سبي، يجب حل الأزمة السورية، يجب أن نكون طليعة الحل السياسي الديمقراطي في سوريا، في هذا النوروز يجب أن نثبت أننا ملتزمون بفكر القائد آبو، بدون تحرير القائد آبو لن تنتصر ثورة روج آفا. الأمر لا يتعلق بالحرية الجسدية، بل إن الإصرار على تحرير القائد آبو، وتحقيق الحرية الجسدية للقائد، يعني أن القوى المحتلة، المتآمرة، قررت تحقيق الحرية والديمقراطية، وعدا ذلك فإننا سوف نبقى نتعرض للتهديد والهجمات، كما حصل سابقاً في عفرين وسري كانيه وكري سبي. لذلك نقول إن تحرير هذه المنطقة، وتحقيق الديمقراطية وتحرير المناطق المحتلة مرتبط بحرية القائد آبو. لذلك على شعبنا التوجه إلى نوروز بهذه الروح، وأن نؤكد للعالم إصرارنا على الحرية، وعلى هذا الأساس نهدي النصر لشعبنا وشعوب المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى