ثقافة

 آفاق الفن السابع كردياً، والتطلعات المستقبلية

behmen_qobadi_-kurdistan-kurd-cinema huner-selim mano_khalil-sillver xeliluisalلقد اعتمد الدارسين والمؤرخين عند دراستهما لجوهر التطور الاجتماعي و الاقتصادي و تحديدهما لقوانين الحركة الفلسفية و السياسية للشعوب وتتطور الأمم , على مجموعة من النظريات والدلالات المجتمعية، بينما اعتمدا عملية الإبداع الفني وبشكل خاص على الأدب، دون الجوانب الأخرى، إن تراث الشعوب تحمل بين دفتي تاريخها حزمة غنية من القيم والاخلاق التي تميز شخصيتها وتتطبع تقاليدها وأعرافها التي تحمل علامتها في جدلها مع الطبيعة ، والشعب الكردي مثله مثل بقية شعوب الأرض يحمل تاريخاً غنياً بالمأثر والبطولات والأساطير والقصص الخالدة . كممو زين / وسيامند وخجي……. وروايات كثيرة وصلت قسم منها إلى وقتنا الراهن والبعض الأخر دمج في الثقافة الشرق أوسطية العامة، وضاع القسم الاكبر لأسباب كثيرة ومعروفة، والقسم الأعظم مدون ومحفوظ في الذاكرة الجمعية الشعبية والتي لايمكن لأي قوة أن تنكرها أو تمحقها، والتي تبحث عن مكتشفيه لتضيء للعالم تاريخ شعب حافل بالقيم والفنون والحضارة، إن البحث الجدي والعميق عن الاثار الادبية والفنية في كردستان اصطدم بعقبات كثيرة وأهمها ما تعرض له الشعب الكردي من انكاراً وتعسف بحق كيانه الإنساني بكل اشكاله، على أرضه حتى الأن على يد السلطات المستبدة الحاكمة، ورغبة مستعمريه السلطويين الحاقدين في طمس وزيف تراثه وادبه وثقافته.

 وأن ربط ما عان منه الكرد خاصة في عصرنا الراهن، بواقع المجالات الفنية ومن بينها السينما، سيكون مفيداً لدراسة أسباب تأخر وضمور الجانب السينمائي عند الكرد في عموم أجزائه الأربعة، رغم أن الكرد ساهموا في ظهور وتطور السينما العربية والتركية والإيرانية وبشكلٍ فعال وملحوظ.

 موجز في فن السينما (الصورة المتحركة)

 يعتبر الفن السينمائي , اخطر واهم الفنون لما يملك من قدرة كبيرة على كشف الزوايا المعتمة والنيرة من حياة أي شعب و تسجيلها و توثيقها كمصدر من المصادر التاريخية، ولقد أعطى الكثير من المبدعين في العالم أهمية كبرى للسينما بعد دخولها إلى عوالهم لما للسينما من أهمية كدور تحريضي و توثيقي للأحداث و ما تحمله من قدرة و قيم جمالية تعبر عن الواقع في المجتمع الإنساني بكل قضاياها.

يعد ظهور فن السينما (الفن السابع) مع أول اكتشاف قام به ( وفيفون والدكتور باريس ) عام ١٨٢٥ م الذين صمموا آلة تدار باليد على شكل صور دوارة ، واخذ هذا الفن يتطور بشكل متصاعد، حتى كان العرض السينمائي الأول على يد الاخوة (لوميير في فرنسا عام ١٨٩٠ م مما أعطى لهذا الفن أهمية و إعجاب كبير، وكانت بداية الثورة السينمائية، ولا يمكننا النظر إلى السينما بأن هذا الفن هو مجرد صور متحركة ترافقها الموسيقى و تتشابك أحداثها لتقدم لنا عرض ما، إن السينما الحقيقة هي التي تعبر عن الواقعية, فن الإنسان تستمد جذورها من تربة الواقع ذي تأثير على كل جوانب الحياة, توضح وتصرخ , تغني و تهمس , تحرض و توجه , تحب وتكره ,وتخلق واقع متفاعل و تدعوا إلى مستقبل أفضل.

جوانب من السينما الكردية

إن ما يمكن الحديث عنه الآن تحت عنوان السينما الكردية لا تعطي معنى دقيقاً كون السينما هي نتاج معاهد وصالات وصناعة مرتبطة بمؤسسات منظمة ومشرفة، لقيام هكذا أعمال تعتمد على إمكانيات  كبيرة وممثلين وفنيين، إن ما يمكن الحديث عنه , هي المحاولات التي جرت وما زالت في سبيل صنع سينما كردية، وأن الحديث عن سينما كردية تحت ظل و إشراف أنظمة غاصبة لكردستان لا يمكن أن تعطي معنا دقيقا للواقع الحالي بل يمكن أن نقول إن ما يمكن تعريفه في سينما كردية , تلك المحاولات التي قام بها بعض الكرد في إطار سينما العراق و تركيا و إيران و سوريا. وتناول البعض القصص والمشاهد الكردية في أفلامهم و محاولة البعض الآخر لخلق نواة سينما تتحدث عن معاناة الإنسان الكردي في هذه الدول.

– (يلماز غوني )

 والذي يمكن أن نعتبره نواة السينما الكردية، وله العشرات من النتاجات والأفلام السينمائية وحصد العديد من الجوائز.

خليل اويسال

بدأ حياته كمصور ومقاتل بين الكريلا في جبال كردستان بادئ الأمر، اشترك في الاشتباكات بشكل فعلي فكان يقوم بالقتال والتصوير في آن واحد وصور أجزءا من حياة ونشاطات المقاتلين،

كان من الذين رغبوا في تحقيق آمالهم فحمل كاميرته في يد وسلاحه في اليد الأخرى وتجول من خندق إلى خندق ومن جبهة إلى أخرى ماراً من الكمائن وحقول الألغام إلى أن استشهد، جسد  في أعماله حياة الكريلا، لأنه يعتبر أن الكريلا في جبال كردستان يستحق أن يتجسد في عمل فني لأن ما يقوم به هذا الكريلا هو ذروة في الفن، له العديد من الأعمال الفنية التصويرية، ومن ابرزها فلم بيريتان: هذا الفلم الذي يروي أحداثً حقيقية، والذي يروي قصة المقاومة التي تبديها المرأة الكردية في سبيل حرية شعبها وهي تقاتل حتى أخر رمق إلى جانب رفاقها ضد الجيش التركي والمرتزقة .

– بهمن قوبادي

 من روج هلات كردستان،  في وقتنا الراهن يعد من أشهر المخرجين الكرد( وعلى مستوى إيران) على الأطلاق، أخرج قوبادي أفلاماً وثائقية و قصيرة، حازت على جوائز عديدة من خلالهما، يتمتع قوبادي بشهرة عالمية كبيرة مما جعله أن يكون أحد المرشحين الدائمين لتحكيم المهرجانات العالمية كمهرجانات (كان ، ساوباولو ، روتردام ) وغيرهم كما تناول مواضيع أفلامه  المجلات والصحافة العالمية.

الجوائز التي نالها قوبادي، جائزة إتحاد النقاد الدولي من مهرجان كان لعام 2000، جائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان كان لعام 2000، جائزة مهرجان كان لعام 2000 لأفضل تصوير.

أحد اهم أفلامه السينمائية ( السلاحف يمكنها الطيران)، يصور هذا الفيلم مخيم لاجئين كرد على الحدود بين باشور كردستان،  وباكور كردستان (الحدود العراقية التركي) فيه الكثير من السياسة والحرب، لا يعتمد قوبادي على ممثلين محترفين، فصوره القوية تتكلم بقوة عاكسة القمع الإنساني في ذلك الذي كان منسياً من العالم حيث يتحدث أحد الشخصيات في الفيلم إلى الشرطة التركية حينما يجهزون عليه ويقول: ” أنا لا أعرف سوى كلمة تركية واحدة: أحبك! مع ذلك قام الجنود الأتراك بضربه وأخذوا آلاته وذبحوا (ديكه) بحجة انفلونزا الطيور ورغم ذلك أكلوه أمام عينيه”.

شريط فائض المعلومات ودلالات على الواقع الكردي أبانه حكم البعث الصدامي، فحوادثه البسيطة مرتبطة بالكوارث الواسعة النطاق التي تعرض لها الشعب الكردي، كأنه رسالة إلى العالم يعرض فيها ما آلت إليه أوضاع الكرد وكم يقف العالم عقيما في معالجتها، الفيلم يبرز جانب من تأثير الحرب على الأطفال والحروب المستمرة في المنطقة.

– مانو خليل:

مخرج سينمائي من روج آفا، درس  السينما في تشيكوسلوفاكيا عام 1990عمل مخرجاً في التلفزيون التشيكوسلوفاكي قبل أن ينتقل إلى سويسرا في ١٩٩٦ ويبدأ عمله كمخرج مستقل لأفلام وثائقية وروائية، أبرز أفلامه: هناك حيث تنام الآلهة – انتصار الحديد

“الانفال: باسم الله، البعث وصدام”، و(دافيد تولهلدان).

ويعمل حالياً على فيلمه القادم عن سوريا والنظام السوري، يحرص دائماً في أن يكون لأفلامه قضية ورسالة، وعمقاً واقعياً، يحمل قضية شعبه وهويته أينما ذهب.

عن فلمه الشهير دافيد تولهلدان والذي يتناول قصة حياة الشاب السويسري دافيد رويللر, ابن رئيس المحكمة الفدرالية السويسرية السابق, الذي و منذ ما يقارب الست سنوات ترك جنة سويسرا, بجبالها و بحيراتها و سهولها وعيشها الهني و رقيها الاجتماعي و الاقتصادي, ليتجه صوب جبال كردستان الوعرة والشاهقة  ويلتحق بالمقاتلين الكريلا.

هــونر سليم :من باشور كردستان(الموصل)

 تلاحق الدولة التركية أعماله و تضغط على كافة الدول لعدم عرض أفلامه، وقلق تركيا وغبنها ازاء أفلام هونر سليم (حسب زعمهم) هو الدعوة إلى الانفصالية ….هذا الهاجس التركي من الكرد لم يتوقف منذ يلماز غوناي .

من أفلامه  (تعيش ماريا …والحرية لكردستان) و(الكيلومتر صفر) وهذا الأخير يدور حول  (اكو) الشخصية الاولى وبطل الفلم امله الوحيد في الدنيا هو النجاة بنفسه وعائلته من خلال ترك العراق والسفر الى أوربا …..الفكرة تعارض بشدة من قبل زوجته …كيف لا وهي لاتستطيع أن تترك والدها المعوق لوحده يجابه الموت……في هذه الأثناء لهيب الحرب المشتدة على طول الحدود العراقية الايرانية تصل إلى قريتهم …. ليساق هو الى الجبهة …إلى حربٍ لا يؤمن بها ….

من أفلام السينما الكردية:

الكيلومتر صفر، الأنفال، أغنية من أجل بكو، باهوز، الطرد من الجنة، إغلاق كردستان، بوكا بارانى……… والعشرات من  الأفلام  القصيرة .

أمام هذا التطور الملحوظ والواقعي للسينما الكردية والذي يمكن اعتباره قاعدة لفن السينما الكردية يمكن البناء عليه في ظل التطورات السياسية الجارية  في كردستان والشرق الأوسط ، ومع وجود فسحة شاسعة من الحرية الفكرية والسياسية بالنسبة للقضية الكردية بشكلٍ عام خاصة في روج آفا، والتي تمكنت من تأسيس نظامٍ إداري ذاتي ديمقراطي ،وذلك بفضل المقاومة والتضحيات التي قدمها شعبها، في روج آفا الطريق معبد أمام كل الطاقات الفنية، حيث تم تأسيس العديد من المراكز الثقافية  والفنية ولقي الجانب الثقافي والفني اهتماماً كبيراً من قبل الشعب والإدارة ، وتعيش روج آفا حالياً ثورة ثقافية حقيقية غنية بالمأثر والوقائع والتي يمكن أن تكون من أفضل النتاجات السينمائية الحقيقة للسينما الكردية والعالمية والتي تعبر عن الإنسان والشعوب والصراع، و المقاومة……….كما أن باشور كردستان تتمتع بواقعٍ ثقافي متقدم بعد سقوط النظام البعثي العراقي ، ولا ننسى التطور  الهائل الذي حدث  في باكور كردستان رغم  الممارسات الفاشية للدولة التركية تجاه الشعب الكردي ،إلا أن الكرد استطاعوا في باكور أن يؤسسوا لبنية ثقافية  وفي كافة المجالات .

 تقرير: دوست ميرخان

زر الذهاب إلى الأعلى