محمد صالح حبو ـــ
في قلب التغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة، برزت منطقة “روج آفا” كمنطقة ذات أهمية استراتيجية ودور محوري في معادلة الصراع السوري والجيوسياسي في المنطقة. ومن بين أبرز ملامح هذه المنطقة، ظهرت قضية الكورد في روج آفا كعائق وهدف في نفس الوقت، إذ سعت العديد من القوى الكوردية على مدار السنوات الماضية إلى تحقيق حلم الوحدة الكوردية وتوحيد الصفوف بين الأحزاب الكوردية، وهو ما تحقق بفضل التضحيات المستمرة للعديد من الشخصيات القيادية الكوردية.
في هذا السياق، نرى السفينة التي تمثل وحدة الصف الكوردي، السفينة التي حملت في قلبها كل آمال الشعب الكوردي في روج آفا كان “حزب الاتحاد الديمقراطي PYD” جنبًا إلى جنب مع القوى العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وYPG وYPJ، بمثابة الهيكل الأساسي الذي أعطى لهذه السفينة أملها في النجاة.
الركاب في هذه السفينة هم شخصيات سياسية وتنظيمية بارعة كرَّسوا حياتهم في خدمة الشعب الكُردستاني، وخصوصًا في روج آفا.
أثبتت تلك السفينة أنها قادرة على تجاوز الأمواج العاتية التي كانت تهدد وحدتها، ومن خلال تبني نهج الحوار والتفاهم، تمكنت هذه القوى من توحيد جميع الأحزاب الكوردية تحت شعار “الإدارة الذاتية”، وضمان مشاركة كافة المكونات والشرائح الاجتماعية في تلك المنطقة.
كان الأمر ليس مجرد تحقيق لأهداف سياسية، بل كان تجسيدًا للوحدة بين جميع أطياف الشعب في روج آفا، بما في ذلك المكونات الكوردية والعربية والسريانية، وحتى الإيزيدية.
اليوم، وبعد الكثير من التضحيات والنضال، نشهد بداية مرحلة جديدة في الجغرافيا السياسية الكوردية في روج آفا، حيث تتوجه الأنظار إلى العاصمة دمشق للتفاوض حول قضايا الشعب الُوردي، وقضايا مكونات روج آفا كافة.
هذه الخطوة تأتي في إطار وحدة الأهداف والخطاب الكوردي الذي يسعى إلى ضمان حقوق جميع المكونات في المنطقة، والسعي لتحقيق آمال الشعب الكوردي في الحرية والعدالة.
الخطوة الكبرى التي تسعى إليها هذه الوحدة هي تشكيل وفد كوردى موحد للمشاركة في المفاوضات مع الحكومة السورية حول القضايا الجوهرية المتعلقة بالمستقبل السياسي والإداري للمنطقة.
إن هذه المفاوضات ستعكس تحولات كبرى في المشهد الجيوسياسي في سوريا، وستكون نقطة انطلاق نحو تحقيق وحدة الشعوب في روج آفا، بما يعزز التفاهم والمحبة بين كافة المكونات.
وفي هذا السياق، لا يمكننا إلا أن نبارك هذا الحدث التاريخي الذي يثلج الصدور، إذ يمثل نقطة تحول في تاريخ الشعب الكوردي في روج آفا. إن هذه الخطوة تُعد خطوة نحو رسم مستقبل أفضل وتقديم نموذج حقيقي لوحدة الشعوب وتحقيق آمالها، التي طالما سعى إليها الكورد في هذه المنطقة.
وكما أن السفينة التي حملت هذا المشروع كانت محاطة بقضبان الشجاعة التي تقاوم الصعاب، فإن شعوب روج آفا ستكون في طريقها إلى بر الأمان بفضل هذه الوحدة التاريخية التي جمعت الجميع تحت راية واحدة.
ختامًا، لا يمكن أن نغفل عن الدور الكبير الذي لعبه القائد مظلوم عبدي، الذي كان من أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية التي ساهمت في تحقيق هذه الوحدة التاريخية.
إن هذا التوجه نحو الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف الكوردية يعد أساسًا لبناء غَدٍ مشرق لجميع شعوب روج آفا، وهو حدث تاريخي سيسجل بأحرف من ذهب في صفحات تاريخ الكُرد.