ممثلو الكرد والسريان والدروز والعلويين يناقشون مخاوف القمع والإقصاء في سوريا خلال مؤتمر صحفي في لاهاي.
هذا وعقب اجتماعهم مع أعضاء مجلس النواب الهولندي في لاهاي أمس، الخميس13 مارس، عقد ممثلو المكونات الكردية والسريانية والدرزية والعلوية مؤتمراً صحفياً لمناقشة الوضع الحالي في سوريا.
بعد سقوط نظام بشار الأسد، طغت المخاوف بشأن شمولية العملية السياسية التي يقودها الآن رئيس الحكومة الانتقالية السورية أحمد الشرع – المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني، الزعيم السابق لجماعة هيئة تحرير الشام المنحلة – على الآمال في مستقبل ديمقراطي لسوريا. وأبرزت التطورات الأخيرة أوجه القصور الكبيرة، حيث تم استبعاد ممثلين من مناطق وأطياف وتعابير من المفاوضات الدستورية وآلية صنع القرار.
وتأتي زيارة الممثلين للبرلمان الهولندي في أعقاب العنف المروع الذي استهدف العلويين في الساحل السوري “غرب سوريا” وأدى إلى مقتل الكثير من أبناء الطائفة العلوية الكريمة.
تم تنظيم الجلسة من قبل مركز الأبحاث “ستالوكس”، التابع للحركة السياسية المسيحية الأوروبية، وأدارها مدير “ستالوكس”، يوهانس دي يونغ.
المشاركون في المؤتمر
تكونت لجنة الممثلين من: فؤاد عمر – عضو مؤسس في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومسؤول مشترك لعلاقات الحزب الخارجية في أوروبا، وكذلك السيد متين رحوي – ممثل الاتحاد السرياني الأوروبي، وأيهم عزام – المؤسس المشارك لمنظمة “جذور”غير الحكومية التي تتخذ من السويداء مقراً لها، بالاضافة الى الدكتور عمار وقاف – مؤسس ومدير مركز الأبحاث “جينوسوس”في لندن.
مدخل: كان النظام شريراً
افتتح المؤتمر الصحفي النائب دون سيدر “حزب الاتحاد المسيحي”، الذي شكر الممثلين الأربعة على حضورهم إلى مجلس النواب الهولندي ومشاركتهم واقع الأوضاع في سوريا.
وقال النائب سيدر: “عندما سقط نظام الأسد، كان الكثير من زملائي سعداء دون أي تحفظات بشأن ما قد يحدث بعد ذلك. كان النظام شريراً، وسقط، وسيعقب ذلك الازدهار. لكنني كنت أكثر حذراً.
وأضاف أن “هناك مجموعات مهمشة لها دور في تحديد مستقبل البلاد، ويجب أخذ مخاوفها بشأن سوريا الجديدة على محمل الجد”.
طروحات: نموذج الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا يمكن نموذجاً لكل سوريا
قدم كل ممثل لمحة عن وضع مجتمعه في سوريا. أشاد كل من رحوي وفؤاد عمر بالإنجازات التي حققتها الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، وأعربا عن اعتقادهما بأن النظام اللامركزي الذي تم تطويره هناك يمكن أن يكون نموذجًا لسوريا بأكملها.
وقال رحوي: “لم تُخض الثورة السورية لكي يصبح المضطهدون هم المضطهِدين. لا نريد تقسيم سوريا، بل نريد سوريا موحدة، لامركزية، ونوعًا من الفيدرالية التي يقررها الشعب السوري”.
من جانبه، قال فؤاد عمر: “على مدار أربعة عشر عامًا من الحرب، حققت مجتمعات شمال وشرق سوريا السلام والاستقرار النسبي. من خلال نموذج الإدارة الذاتية، تمكنت في كنفه جميع المكونات من المشاركة في تحقيق السلم الأهلي “.
وأضاف أن النساء يشاركن في الحياة السياسية والاجتماعية والعسكرية على قدم المساواة مع الرجال” وتابع بالقول: “لأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط، تم اعتماد العربية والكردية والسريانية كلغات رسميةفي مناطق الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”.
التحديات ماتزال قائمة وتدهور الثقة بين العلويين والحكومة المؤقتة في دمشق
قال عمر: “إن سقوط نظام الأسد يمثل فرصة لبناء سوريا أفضل، لكن التحديات الكبيرة لا تزال قائمة، كما يتضح من المجازر المنهجية ضد العلويين على الساحل السوري”.
أما الدكتور وقاف، فقد أشار إلى أن “الثقة بين المجتمع العلوي والحكومة المؤقتة في دمشق قد انهارت بالكامل، واصفاً الوضع بأنه يكاد يكون غير قابل للإصلاح”.
كما شكك الدكتور وقاف في مدى استعداد العلويين للتعاون مع “لجنة التحقيق”و “لجنة السلم الأهلي” التي شكلتها الحكومة الانتقالية السورية عقب أحداث العنف على الساحل السوري، مشيراً إلى أن القتل استمر حتى بعد تشكيل هذه اللجان، مما يدل إما على أن الحكومة الانتقالية تحاول خداع المجتمع الدولي، أو أن القوات على الأرض لا تلتزم بتعليمات دمشق، وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك يمثل مشكلة”.
0
إقصاء الأقليات والجهود السطحية
عند سؤاله عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المؤقتة لضمان مشاركة مجتمعاتهم في سوريا الجديدة، أجمع المتحدثون على أن جهود الحكومة الانتقالية كانت سطحية وغير شاملة.
وقال عزام: “لم تفعل الحكومة في دمشق أي شيء لإشراك الأقليات في صنع القرار. لقد حاولوا تقديم بعض الضمانات للطائفة الدرزية، لكن لم تكن هناك ضمانات واسعة لكل المجموعات”.
وأضاف رحوي: “مؤتمر الحوار الوطني ضم أفرادًا مدعوين فقط، وليس سياسيين، ولا أحزابًا سياسية، ولا ممثلين عن الفصائل العسكرية التي حافظت على الأمن في عدة مناطق. لقد دعوا بعض العلويين، وبعض الكرد، وبعض السريان، وبعض الدروز، والذين لا يمثلون شعوبهم، لكنهم لم يدعوا الممثلين الحقيقيين لهذه المجموعات”.
من جانبه، قال الدكتور وقاف: “إنهم يسعون عمداً إلى تعيين شخصيات لا تمثل أحداً، وهذا يؤدي إلى تفاقم غضب المجتمعات المختلفة”.
الشرع ليس لديه سلطة حقيقية على الفصائل الأخرى التي تمولها وتقودها تركيا
خلال الجلسة، دخل النائب عيسى كهرمان (حزب العقد الاجتماعي الجديد )– إلى القاعة بعد أن أنهى تقديم اقتراح مشترك مع النائب سيدر يدعو الحكومة الهولندية لدعم الأقليات في سوريا. وبعد إدانته للعنف الذي أعقب سقوط نظام الأسد، سأل كهرمان عن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف الحكومة الانتقالية السورية.
أجاب الدكتور وقاف: “لا أحد يعرف العدد الدقيق، لكن التقديرات تشير إلى حوالي عشرين ألف مقاتل”. وأوضح أنه “من الضروري فهم أن الشرع ليس لديه سلطة حقيقية على الفصائل الأخرى التي تمولها وتقودها تركيا، والتي تتنافس فيما بينها لكسب دعم الجماعات المتطرفة”.
اتفاقية قسد و الحكومة السورية الإنتقالية
قال النائب كهرمان: “رأيت الاتفاقية التي تم توقيعها بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية، والتي ذكرت حقوق الأكراد، لكنني لم أجد أي إشارة إلى حقوق السريان، رغم أنهم جزء من قسد، وربما لم تذكر أيضاً العرب والمجموعات الأخرى ضمن قسد. لماذا لم يتم ذكر جميع الأقليات في الاتفاقية؟”.
اعتبر جميع المتحدثين أن الاتفاقية الموقعة بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع خطوة إيجابية، لكنهم أشاروا إلى أن استبعاد المكونات العرقية الأخرى منها كان خطأً يجب تصحيحه”.
ورد رحوي قائلاً: “يجب متابعة الاتفاق الموقع بين مظلوم عبدي والرئيس المؤقت بعناية. إنها خطوة أولى جيدة جداً. لأن أي اتفاق قد يؤدي إلى السلام أو تحسين الأوضاع في سوريا هو أمر جيد. لكن لا يمكن أن يكون الاتفاق بين مجموعات عرقية معينة مع استبعاد أخرى. حزبنا السياسي على الأرض، حزب الاتحاد السرياني، أصدر بيانًا يطرح نفس السؤال”.