سليمان أبو بكر
– اتفاق بوتين أردوغان والجولاني، وسياسة فوضى الفوضى تثير المخاوف على مستقبل سوريا عموماً فالتعايش مع الإرهاب على المدى البعيد يهدد الكيان السوري وستكون لها تداعيات على المنطقة برمتها، الحل في سوريا على مفترق طرق السياسات الدولية و سلطة دمشق تجاهها وتجاه شعبها الذي اصبح يكره ما يسمى بالوطن السوري.
تحولت مناطق شمال سوريا التي احتلها تركيا إلى مرتع لأشد الجماعات ” السورية” الإرهابية المرتزقة والتي تتسمى بمسميات عديدة” من النصرة إلى سليمان شاه والعمشات والحمزات وغيرها من الجماعات التي ترعرعت وتشبعت بالارتزاق والإرهاب على يد الاستخبارات التركية كقطعان الضباع الجائعة.
منذ بداية الأزمة السورية تتحول شمال سوريا شيئاً فشيئا بفعل سياسات الاحتلال التركي وممارساته وضغينته تجاه الشعب السوري بشكلٍ عام إلى ساحة مشرعة للفوضى والقتل ساحة لا تشبه سوريا ولا السوريين الأحرار، اليوم تلك المناطق تتحول إلى مركز لصراعات قد لا تنتهي ولا تزول بزوال جيش الاحتلال، ستكون تداعياتها شديدة السلبية على مستقبل سوريا والحل السوري، ممارسات الاحتلال التركي في كل من الباب إلى عفرين إلى رأس العين وتل أبيض في هذه المناطق المحتلة تلاعب بكينونة الهوية الوطنية السورية التي وصلت إلى مرحلة الانحطاط، هناك اصبح الشخصية السورية المسلحة شخصية مرتزقة، قاتلة وإرهابية، لا يمكن التعايش معها في منتهى الخطورة، والدليل على ذلك ليس فقط الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المجموعات المرتزقة ، إنما حالة الرفض الشعبي المدني لسكان تلك المناطق لكل هؤلاء الشذاذ.
بالنظر إلى المتغيرات الأخيرة في مناطق شمال غرب سوريا وسيطرة جبيهة النصرة الارهابية إلى جانب أشد المجموعات ارتزاقاً وارهابا مسلحي ” الحمزة” “سليمان شاه” والمجموعات الاصغر في التسمية والارتزاق، نجد أن المخططات التي تديرها محور استانا المتمثل بتركيا وروسيا وكنتيجة للقاءات الأخيرة التي جرت بين الطرفين في أكثر من مناسبة بأن خريطة جديدة ترتسم لإعادة ترتيب وتوزيع الادوار للمجاميع الإرهابية، كي يُسهل السيطرة عليها وتحريكها بما يخدم الطرفين ولتضمن تركيا امتداد نفوذ لها داخل سوريا لتمرير مشاريعها داخل سوريا وخارجها خاصة وانها مقبلة على مرحلة انتخابية تحدد فيها دور ووجود تنظيمات الاخوان المسلمين في داخلها مما سيؤثر حتماً على سياساتها الخارجية .
ما يحدث اليوم في غرب الفرات له تداعيات سياسية ويخدم مجموعة من قادات الفصائل الارهابية، العاملة لدى تركيا، فما يجري في عفرين المحتلة من سيطرة جبهة النصرة و المجموعات الأخرى الأكثر ارتباطاً بتركيا وبسياساتها، وتعويمها في مناطق أخرى محتلة سيكون له تأثير كبير على عموم سوريا، لكن هل ستمرر هذه الخطة بتلك السلاسة التي سيطرت فيها النصرة على عفرين وانتقلت فيها مرتزقة أخرين إلى مناطق أخرى ترزح تحت الاحتلال.
حسب المعطيات الأولية و الغارات التي نفذت من قبل روسيا على عدة نقاط في شمال حلب هناك اتفاق روسي تركي قائم على التخلص من بعض الفصائل الغير “منضبطة ” او تلك التي لم تنفذ الأوامر التركية وبقائها مشروط بالاندماج والانتقال إلى مناطق في شرق الفرات أو مناطق أخرى ربما تكون خارج سوريا.
الأمر الأخر الذي سيعقد الأمور أكثر بالنسبة للنصرة ولغيرها للمجموعات المصنفة على لوائح الإرهاب الدولية هو الرغبة المتزايدة للتحالف الدولي باقتناص العناصر الارهابية وايجاد حجة قاطعة لزيادة ضرباتها في غرب الفرات وهذه فرصة مناسبة للتحالف الدولي في القضاء على التنظيمات الارهابية ضمنها النصرة وحراس الدين وبقايا تنظيم داعش الإرهابي.
من ناحية أخرى لن يبقى أي دور للائتلاف المفلس ومن في فلكه كحال المجلس الوطني الكردي الذي غاص حتى العنق في “جاموقة” الاخوان والاستخبارات التركية، بطبيعة الحال الائتلاف غير قادر على إدارة قن دجاج داخل وخارج الاراضي السورية، من يدير مناطق الاحتلال التركي إلى جانب الاستخبارات التركية والجيش التركي والوالي التركي والمجموعة “التركمانية المقربة “، هم قادات المجموعتين المرتزقتين ” الحمزة” وسليمان شاه”.
ما إرادته “النصرة” قد حصلت، وهي رغبتها في التمدد خارج إدلب شرقاً وغرباً واكساب المزيد من الانصار والمال، وهذا الأمر بتخطيط تركي وروسي متعلق بتقاسم عائدات المعابر والاتاوات ومشاريع الاستيطان والتحطيب وبيع الاثار وانتهاءً بالمخدرات، فالنصرة أكثر التزاما وضبطاً على خلاف قطعان الهمج التي ستنقل إلى الباب ومناطق شرق الفرات في المراحل اللاحقة.
وفق هذه المعطيات يمكن القول بان حل الأزمة السورية لم تعد مدرجة على طاولة المجتمع الدولي فترك الساحة السورية لتركيا تعني تقسيم سوريا وتحويل مناطق احتلالها لبؤر الإرهاب الذي لن يتوقف داخل الحدود السورية إنما ستطرق أبواب الدول الاوروبية، ما تقومه به دولة الاحتلال التركي عملية اعادة ترتيب وهيكلة لتنظيم داعش الارهابي الذي انتعش بشكل كبير مؤخراً وبدأ بتنفيذ هجمات أكثر قوة من ذي قبل.
اليوم المجتمع الدولي والتحالف الدولي أمام خيارات محدودة وهي اما القبول بما تخطط له تركيا بشرعنة الارهاب وتقديمه كمفاوض وجزء من حل الأزمة السورية، أو أن تعمل على محاربة هذه السياسات وبتر كل أوصالها، وأن تعمل بجدية على دعم القوى الديمقراطية ومسار الحل السياسي الديمقراطي السوري، وهذا المسار قائم ويختلف اختلافاً جذرياً عن مشاريع الإرهاب والفوضى التي انتجتها الاحتلال التركي والإخوان المسلمون.