ما المطلوب كردستانياً ما بعد مئوية “لوزان”

وليد حبش
في /24/تموز/ عام /1924/ عقدت قوى (التحالف) المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وعلى رأسها (بريطانيا و فرنسا) معاهدة واتفاق في مدينة “لوزان” السويسرية فيما بينها والدولتان التركية والألمانية الخاسرتان للحرب على تقسيم تركتهما إلى دويلات فيما بينهم وجعلتها مناطق انتداب لهما بحجة عدم إمكانية تلك الدول الجديدة في إدارة نفسها. فتم إنشاء العديد من الدول على أسس قومية، وكان نصيب الكرد هو إنكار اتفاقية “سيفر” /1920/ القاضي بمنحهم حكماً ذاتياً يمكن أن تتطور إلى دولة مستقلة، وبالتالي تثبيت تقسيمها بين أربع دول قوموية دكتاتورية، لتبقى بين تلك الدول مناطق غير مستقرة ويتم التنازع فيما بينها، تثيرها الدول المهيمنة متى شاءت.
حاول الشعب الكردي القيام بانتفاضات عديدة ضد هذا الاتفاق الجائر لكن باءت كلها بالفشل لأسباب عديدة ومن أهمها قيام النظام التركي (كما اليوم) بالتنازل للدول عن الكثير فقط لأجل عدم حصول الكرد على حقوقهم، وعدم وحدة الصف الكردستاني، بقيادة عشائرية مذهبية متخلفة ولعب الخيانة دوراً كبيراً في انتكاسة تلك الانتفاضات وإعدام قادتها والتنكيل بالشعب بمجازر عديدة، وعملت الحكومات المحتلة لكردستان على إمحاء الوجود الكردي وصهرهم في بوتقتها. ومنذ سبعينات القرن الماضي ظهرت حركة تحرر كردستانية معاصرة بقيادة طليعة مثقفة ثورية عملت بجهود وتضحيات كبيرة على انبعاث الروح الثورية الكردستانية من جديد وتوحيد النضال في الأجزاء الأربعة, ومازالت تناضل لمحو عار “لوزان” وكتابة تاريخ جديد للكرد وكردستان وللمنطقة أجمع على هدى وفكر القائد المفكر (عبدالله أوجلان) في مشروعه العصري (الأمم الديمقراطية) وأخوة الشعوب. لكن القوى المتحكمة الظالمة اتحدت (وما زالت) وعملت بكل جهودها على تقويض هذه الثورة الشعبية العارمة المنادية بالحرية والديمقراطية لكل الشعوب, وحتى قامت بمؤامرة دنيئة بأسر قائدها ووضعه في سجن منفرد ومنعزل في جزيرة وسط البحر وقطعت علاقته مع العالم الخارجي حتى لا يصل صوت السلام والمحبة والتعايش السلمي إلى شعوب المنطقة, لتعمل تلك الدول المهيمنة مع موظفيها حكام دول المنطقة على تمرير مشاريعهم المنفعية والتي لا تصب في مصلحة الشعوب. فيتوجب على كافة القوى الكردستانية و الديمقراطيين في المنطقة توحيد قواها في تغيير تلك الأنظمة المنبثقة (من اتفاقيات سايكس- بيكو ولوزان) حسب مصالح القوى العظمى, وجعلها ديمقراطية تعيش فيها كافة المكونات بعز وكرامة. يتوجب على كافة القوى الكردستانية والتواقة إلى الديمقراطية أن تتكاتف حول تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية وتدعمها بكافة الإمكانات وإنجاحها لتكون نموذجاً للحل في سوريا وكل المنطقة.
إن سلطة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الحاكم في باشوري كردستان تقوم بعلاقات مع كافة الدول الحاكمة لكردستان وخاصة االنظام التركي العدو اللدود للحقوق الكردية بشأن تقوية سلطتها ونفوذها, على حساب حقوق الشعب الكردي في تلك الأجزاء, وحتى تتعاون معهم استخباراتياً وعسكرياً, وتفتح أراضيها لعشرات القواعد العسكرية التركية, وتتعاون مع حكومة بغداد ضد الإدارة الذاتية في شنكال, إن من حق حكومة الباشور إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع جوارها لكن لمصلحة الشعب الكردي وشعوب المنطقة.
إن استمرار السلطات الفاشية التركية في اعتقال القائد (عبدالله أوجلان) رسول الحرية والسلام بين الشعوب في زنزانة منعزلة عن العالم منذ ما يقارب الربع قرن, هو مخالف لكافة الشرائع والقوانين الدولية, وكذلك منع لقائه بأهله ومحاميه ما يزيد عن السنتين بغاية منع إيصال صوته وأفكاره إلى شعبه والاطمئنان على صحته, تهدف الدولة التركية من هذه الإجراءات والمزيد من الضغوط على القائد للحصول على تعليمات وتنازلات منه لإيقاف النضال الثوري الكردستاني وشعوب المنطقة المطالبة بالحرية والديمقراطية والسلام, لكن القائد (أوجلان) مستمر بالصمود ومقاومة هذه الضغوط الرهيبة وعلى مبدأ إما حياة فيها الحرية والكرامة وإما فلا, لذا علينا كأشخاص ومجتمعات وشعوب آمنت بفكر هذا القائد الشجاع في الإصرار الحياة المجتمعية والديمقراطية الحرة أن نستمر في نضالنا ورفع من وتيرة فعالياتنا الجماهيرية بكافة الطرق والأساليب لفك العزلة بل وتحقيق الحرية الجسدية للقائد ليقود المنطقة إلى بر السلام والديمقراطية.