الأخبارالعالممانشيت

كاتب أمريكي: يجب على أمريكا وقف التقلبات في سوريا والوقوف مع الحلفاء

أوضح الكاتب الأمريكي سيث ج.فرانتزمان في مقالة له، أسباب ضرورة الوجود الامريكي في شمال وشرق سوريا، واستمرار دعم قوات سوريا الديمقراطية، وجاء في المقال:

بينما يتفاعل العالم مع نتائج الانتخابات الأمريكية، هناك جوقة من الاحتفالات في أماكن مثل أوروبا حول فوز (جوبايدن), لكن في الشرق الأوسط هناك مخاوف أكثر, وهذا ليس لأن الدول هناك لديها تجارب سيئة مع بايدن، ولكن لأن العديد من الدول في المنطقة قلقة بشأن التغييرات المفاجئة المحتملة في السياسة الخارجية القادمة للولايات المتحدة.

هناك مكانٌ واحد تحتاجه واشنطن لتصحيح الأمر وهو سوريا، حيث ساعدنا شركاؤنا على الأرض (قوات سوريا الديمقراطية) في هزيمة داعش, ويريدون العمل عن كثب مع الرئيس الجديد في العاصمة الأمريكية.

على مدى عشر سنوات عانت سوريا من حرب أهلية طاحنة، من خلال قمع النظام السوري المدعوم من روسيا للمعارضين له، وصعود ومن ثم سقوط تنظيم الدولة الإسلامية(داعش)، والعمليات العسكرية التي شنتها تركيا والتي هددت الكرد (شركاء الولايات المتحدة).

لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاهل أو تغض الطرف عن ما يحدث في سوريا, سابقاً حاولت دعم المعارضة  السورية بما في ذلك شن غارات جوية على نظام الأسد.

على مدار العقد الماضي دارت الولايات المتحدة عبر إدارتين وسلسلة من خيارات السياسة التي غالباً ما كانت تنتهي بشكل سيء, ومع ذلك يمكننا ويجب علينا إنقاذ ما تحقق من نجاحات حتى الآن.

أحد الأماكن التي نجحت فيها الولايات المتحدة هو شمال وشرق سوريا, بقيادة القوات الخاصة الأمريكية والقيادة المركزية أسست أمريكا وعملت مع حلفائها على الأرض على هزيمة داعش في عام 2019, وفي أعقاب تلك الهزيمة سعت إدارة ترامب إلى الوفاء بوعدها بإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن, واليوم يتساءل أصدقاؤنا في سوريا عما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ستنسحب بالكامل من المنطقة.

 وصف الرئيس دونالد ترامب هذه الحروب بأنها قتال في أماكن بعيدة لم يسمع بها الأمريكيون من قبل, قد يكون الأمر كذلك لكن دور أمريكا في العالم منذ عهد جيفرسون وآدامز اشتمل على القتال في أماكن بعيدة لحماية المصالح الأمريكية والوقوف مع الأصدقاء ضد الأعداء.

تحتاج الولايات المتحدة إلى سياسة واضحة وثابتة تجاه سوريا, علاوة على ذلك يجب أن تُؤسسَ الاستمرارية بين الإدارات الحالية والقادمة, إحدى المشكلات التي عانت منها إدارة ترامب هي تقلباتها في سوريا, فتارةً أعلنت بأنها ستهزم داعش، ثم تعهدت بالانسحاب من سوريا في عام 2018، وبعدها قررت البقاء، ثم أعلنت الالتزام بالمغادرة مرة أخرى, وأخيراً صرحت بأنها ستحمي النفط هناك, وقد مكّنت هذه التقلبات أعداء الولايات المتحدة وشجعتهم مثل إيران – إلى جانب روسيا وتركيا – على تقويض أمريكا في العالم.

لقد أحرزت أمريكا تقدماً مذهلاً في سوريا, وقد ساعدت في تأمين جزء من شرق سوريا، وعملت مع قوات سوريا الديمقراطية لسحق داعش، وحققت ذلك كله بقليل من القوة البشرية والاستثمارات, هذه ليست (حرباً لا نهاية لها) مثلما وصفها ترامب, ولكنها مثال ناجح للولايات المتحدة باستخدام جهود قليلة لتحقيق قدرٍ هائل من النفوذ.

في الواقع من الضروري أن تبقى الولايات المتحدة في سوريا, وأن تواصل العمل مع شركائها الكرد والعرب والمسيحيين على الأرض, إن الرحيل الآن وخاصة وأن إيران وروسيا تتنافسان على إذلال الولايات المتحدة سيكون بمثابة التخلي عن قطعة استراتيجية ضخمة من العقارات دون داع, ومع ذلك يتطلب البقاء فهماً لسبب التواجد هناك, ويجب أن تعكس سياسة الولايات المتحدة المُقنعَة ذلك, ويجب أن تعمل الإدارة الأمريكية القادمة مع الإدارة الحالية لوضع مثل هذه السياسة.

أنا واثق من أن الإدارتين ستجدان معاً أن وجودنا في شمال وشرق سوريا هو لتمكين شركائنا على الأرض من تحقيق الاستقرار حتى لا ينهض داعش مرة أخرى, فسوريا هي الطرف الغربي للعراق، وداعش يستخدم المنطقة الحدودية لكلا البلدين لتجنب قوات الأمن العراقية, وتساعد المراقبة الأمريكية مثل الطائرات بدون طيار في الحد من تهديد داعش, وتدعم الشركاء على جانبي الحدود.

 يساعد الوجود الأمريكي أيضاً على منع إيران من تحويل الحدود العراقية السورية إلى طريق سريع لتهريب الأسلحة إلى حزب الله في لبنان,  وأخيراً سيسمح الدور الأمريكي في سوريا للكرد والمسيحيين وغيرهم من الأقليات التي عانت من الاضطهاد في ظل داعش بالتعافي.

هددت تركيا في الماضي بغزو شمال وشرق سوريا متهمةً شركاء الولايات المتحدة هناك بأنهم مسلحون يشكلون خطراً على تركيا, يتعين على واشنطن أن توضح أن تهديدات أنقرة ليست مفيدة ولا تتماشى مع كونها حليفة في الناتو.

 نجحت الولايات المتحدة في جعل شمال وشرق سوريا أكثر استقراراً من المناطق التي تسيطر عليها تركيا بالفعل في شمال سوريا, وهذا دليل كاف على أن دور واشنطن هو دور إيجابي, وأن المنطقة التي يسيطر عليها شركاء أمريكا(قوات سوريا الديمقراطية)هي الأكثر سلميةً وأماناً في البلاد.

في حين أن الإدارة الجديدة في واشنطن قد ترغب في تغيير السياسات من عهد ترامب، فمن المهم إرسال رسالة مفادها بأن التهديدات لدور أمريكا في سوريا لن يتم التسامح معها, وأننا سنقف إلى جانب شركائنا الذين انضموا إلينا وضحّوا بحياتهم  في القتال ضد داعش.

(سيث ج.فرانتزمان):

مؤلف كتاب (بعد داعش: أمريكا وإيران والنضال من أجل الشرق الأوسط (2019) ويعمل كمدير تنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.

زر الذهاب إلى الأعلى