
مصطفى عبدو
دخلنا إلى عام آخر ويبدو أن مستقبل سوريا يسير نحو الخطورة والغموض أكثر، والسيناريو الأكثر رجحاناً هو سيناريو الفوضى الخلاقة.
الجديد أن هناك أوراق تلعب عليها كل من سوريا وتركيا وروسيا، وإن كانت في ظاهرها تبدو كأنها اتفاق من نوع ما، فإنها لا تحتاج إلى مزيد من التنبؤ بأنها لن تقدم مخططًا للمستقبل السوري، وإنما هدفها عرض سيناريوهات أخرى لا تتطابق مع الواقع السوري غايتها تحجيم السيناريوهات الواقعية فهذا (الاتفاق)لا يحقق السلام كما قد يعتقد البعض، وإنما ستجعل الحالة السورية أكثر فوضوية.
الاتفاق المزعوم تدور في فلك مصالح الأنظمة الثلاثة، ولا تتعامل مع جميع الأطراف بالتساوي وتقصي أطراف، كما أنها لا تمثل مخرجاً للشعب السوري للخروج من مأزقه، ومع ذلك هناك معوقات جوهرية تقف أمام تحقق هذا الاتفاق وهي أن من تم الاتفاق بينهم لهم عداء أيديولوجي وتاريخي ، وتنعدم الثقة فيما بينهم و بذلك لن تستطيع هذه الأطراف تقديم شيء يذكر للشعب السوري. ووفقًا لذلك فلا وجود لأي حل حقيقي يعزز ثقة الجماهير السورية وما يحدث يتنافى مع منطق هذه الجماهير التي عانت كثيراً.
ربما يتساءل أحدهم أن حلول مشابهة نجحت في بعض الدول هنا نؤكد أنه في سوريا يستحيل القبول بهذا الاتفاق وفق المعطيات الراهنة على الأقل، لأنها تعني أن الأطراف المعنية (روسيا وتركيا) هي من ستستفيد، وهذا السيناريو سيصب في صالح هذه الدول فقط، وستكون بمنزلة اعتراف لهم بالنصر وهزيمة من يرونهم بالخصوم ولن يعدموا الأسباب والمبررات التي سيسوقونها لقيامهم بأي شيء في سبيل ذلك.
بصراحة أن هذا الاتفاق يصعب تخيل حدوثه، وسيبقى في خانة التمنيات لدى البعض، وحتى لو تم العمل به، فإن فرصته في النجاح، ومن ثم خلق الاستقرار في سوريا ستكون ضعيفة جداً ومن المحتمل ألا يُـنفَّذ حتى لو وقَّع عليه أطراف الصراع تحت الضغط الداخلي والخارجي.
وبما أن الأمر كذلك فإن الحل الواقعي لعودة الأمن والاستقرار لسوريا، لن يكون إلا بمشروع ديمقراطي تعددي يضم جميع الشعوب والمكونات السورية مشروع يتحلى بالقوة والسياسة والدبلوماسية ويقف سداً منيعاً أمام الأجندات الخارجية والتي تريد أن تستخدم سوريا لضرب خصومها، أو تنفيذ أوهام بعض الأنظمة. وعلى الرغم من تردد البعض في تقبل هذا المشروع إلا أن غالبية الشعب السورية يرونه مخرجاً عادلاً يحقق طموح الجميع.
بالمحصلة، أن الوضع الهش، سياسياً واقتصادياً للأنظمة الحاكمة في المنطقة تتطلب منها أن تقوم بمراجعة جذرية لسياستها ولما تخطط له، وتعيد النظر إلى طريقة تعاملها مع شعوبها والكف عن إبرام اتفاقات مشبوهة على حساب شعوبها الأصيلة ومكوناتها.