في عالمٍ مليء بالتحديات السياسية والاقتصادية، تتصاعد الأحداثُ في منطقة الشرق الأوسط، وتشتد الصراعاتُ والتوترات السياسية في العديد من الدول، بينما تبقى سوريا على رأس قائمة الدول التي تشهد صراعاً مستمراً، وخاصة الفوبيا الكردية التي أصبحت هدفاً للرئيس التركي أردوغان ومرتزقته.
بعد سقوط نظام بشار الأسد، كثف الاحتلالُ من هجماته على الكرد والمكونات التي تعيش في مناطق شمال وشرق سوريا.
ويطرح السؤال عن دور الكرد في هذا السياق التاريخي الملتهب، وأهمية مشاركتهم في العملية السياسية، بالإضافة إلى استكشاف تأثير ملف داعش وتحديات مقاومة أبناء شمال وشرق سوريا على الديناميكيات الإقليمية.
بهذا الصدد أجرت صحيفتنا مقابلةً خاصة مع الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في الحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، سيهانوك ديبو، حول أهمية مشاركة الكرد في العملية السياسية في سوريا, حيث أكد ديبو أنّ حلَّ القضية الكردية في سوريا ليس قضية وطنية ديمقراطية فحسب، بل يعد بابًا لتحقيق تماسكٍ أكبر بين جميع السوريين.
وأشار ديبو إلى أنّ حلّ القضية الكردية يشكل مؤشرًا إيجابيًا يجب أخذه بجدية، مؤكدًا أن طيّ صفحة الماضي المؤلم الناتج عن أنظمة الاستبداد المركزية يعدّ خطوة ضرورية نحو بناء مستقبل ديمقراطي وموحّد لسوريا.
أهمية التحوّل من التصريحات إلى إجراءاتٍ فعّالة
كما سلّط سيهانوك ديبو الضوءَ على أهمية تحويل التصريحات المؤيدة للكرد في سوريا إلى إجراءات فعّالة وبناّءة؛ مشددًا على ضرورة تقدير دور الكرد بشكلٍ خاص والقضية الكردية كملفٍ أساسي من ملف التحول الديمقراطي لحلّ الأزمة السورية.
وعبّر ديبو عن قلقه إزاء وصول الأزمة السورية إلى حالة انسدادٍ تام، نتيجة عدم انخراط الكرد والإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية في عملية السلام، مؤكدًا على أهمية الاستجابة لكلمات الشركاء الكرد من قبل الدول الأوروبية بأفعال فعّالة.
وبين ديبو على أنّ الانفتاحَ والتعاون مع الكرد في سوريا يعكس حقيقةً تاريخية وجغرافية متجذرة تمتد لقرون عديدة، متمنيًا أن ترتقي التصريحاتُ الرسمية إلى قراراتٍ مؤثرة داخل الجامعة العربية.
ضرورة تأسيس محكمة دولية لمحاربة الإرهاب في شمال وشرق سوريا
وحول ملف داعش، أشار سيهانوك إلى أهمية التفكير في الجوانب الأخلاقية والوجدانية قبل التدخل السياسي، وخاصة بالنسبة للتعامل مع تنظيم داعش الإرهابي وعوائلهم، مؤكدًا على أنّ هناك حاجة ماسة للعمل بالتعاون مع التحالف الدولي بتأسيس محكمة دولية شرق الفرات لمحاربة الإرهاب في مناطق شمال وشرق سوريا، بهدف تجفيف منابع التطرّف وتقديم العدالة بموضوعية، كونها مسألة تتطلب العديد من الحوارات والنقاشات الشاملة للتوصل إلى حلولٍ فعّالة وعدم تأجيل التحرك في هذا الاتجاه.
مقاومة الشعب التاريخية للقضاء على المشاريع التوسعية التركية في سوريا
سيهانوك ديبو تباهى بمقاومة الشعب السوري بكافة مكوّناته وأطيافه، بما في ذلك الكرد والعرب والمكونات الأخرى، في مواجهة التحديات والصعوبات في معركة سدّ تشرين، وأهميتها التاريخية التي لا تقتصر فقط في مناطق الإدارة الذاتية، بل في جميع أنحاء سوريا.
ووضّح ديبو إلى أنّ الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تعتبر عقبةً أمام مشاريع توسعية تركية ومحاولات جديدة لإسلاموية سياسية؛ ويجب أن لا يُنسى فضلُ ودور ومكانة الإدارة الذاتية بشقها المدني الدبلوماسي أو العسكري في إفشال هذه المرامي؛ وهذه رسالة موجهة لعموم منطقة الشرق الأوسط وجميع العالم بأن احتلال تركيا وقضمها للمزيد من المناطق هو انفتاح الأزمة السورية على الجميع أبوابها ولا يمكنها السيطرة عليها، والمنتصرُ الوحيد من هذه المسألة سيكون داعش- الذي يتحين الفرصة تلو الأخرى من أجل إعادة تنظيم نفسه. يجب التصدي لهذه الهجمات وتعزيز دور الإدارة الذاتية المدني والدبلوماسي والعسكري في الحفاظ على الاستقرار ومنع التدخلات الخارجية.
واختتم حديثه الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في الحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، بأن تأسيس مقاومة سدّ تشرين يشكلُ ضرورةً حتمية لمئات الآلاف من السوريين، خاصة في ظلّ التهديدات المباشرة من قبل الاحتلال التركي وتبعات تقسيمه، داعياً إلى وقف التوسع التركي في سوريا وسحب كافة المرتزقة وفقًا للقوانين الدولية والقواعد الإنسانية المعترف بها دوليًا.