عبد الغني أوسو ــ
الشعب الكردي هو من الشعوب الأساسية الأصيلة في المنطقة، فعندما نعود إلى التاريخ؛ نرى أن منطقة ميزوبوتاميا هي من المناطق التي تتميز بالاكتشافات الأثرية القديمة ابتداء من “كري نافوكي” إلى “جمي خالان” إلى “نوالا جوري”.
هذه الشعوب عاشت في المنطقة التي تسمى “قوس زاغروس طوروس” أو بلاد ما بين النهرين أو ميزوبوتاميا منذ حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، حيث بدأت من (هوري، كوتي، لولو، كاشي، ميتاني، نائري، أورارتو، ميدي) وهي تُعدُّ من الشعوب الأساسية في المنطقة، حيث عاشت مع الشعوب الأخرى في المنطقة لحين تأسيس الكونفدرالية الميدية في ٦١٢ ق م، واستمرت هذه الكونفدرالية “اثنتان وستون سنة” فقط، وبعدها بدأت سيطرة الفُرس، ومن ثم الإسكندر المقدوني، وروما، وبيزنطة، وتبدلت سيطرة القوى على كردستان لحين مجيء “الاسلام”، وكان الكُرد يعيشون على شكل قبائل وعشائر، وأسسوا إمارات كردية (حمداني، بدرخاني، شدادي، روادي، أيوبي، زند، مرواني…إلخ) واستمرت بعض الإمارات حتى” ١٢٠٠ م”.
بعد هذه الفترة تغيَّرت الظروف، وخاصة بعد انتهاء العهد العباسي ومجيء التتار والمغول وهجماتهم الوحشية على المنطقة. في هذه الفترة استغل العثمانيون الظروف وبدأوا بالتمدد. في نفس الوقت كان الصفويون يجهزون انفسهم للعب دور في المنطقة، وجاؤوا بعد ١٥٠١م حيث انتشروا في المنطقة واحتلوا مناطق من كردستان ووصلوا حتى آمد، وكذلك المماليك تحركوا وتوجهوا باتجاه الشمال ووصلوا إلى حلب والجزيرة وعفرين، فالصراع في ذلك الوقت بين القوى الثلاث حول من يستطيع السيطرة على المنطقة، وكردستان هي الجغرافية الأساسية لهذا الصراع، ففي البداية جرت معركة “جالديران” بين الصفويين والعثمانيين ١٥١٤ م وقد استنجد السلطان العثماني سليم الأول (ياووز) بالقبائل الكردية، وانتصر في المعركة ورسم الحدود لصالحه، واستمر الصراع بين الامبراطوريتين ١٢٥ سنة لحين اتفاقية قصر شيرين في عام ١٦٣٩م.
بالنسبة للعثمانيين وبعد الانتهاء من الصفويين توجهوا للجنوب وجرت معركة كبرى بينهم وبين المماليك معركة مرج دابق وانتصر فيها العثمانيون سنة ١٥١٦م، وبعدها جرت آخر المعارك سنة ١٥١٧م الريدانية، وحكم العثمانيون المنطقة ٤٠٠ سنة، لكن يعود الفضل للكرد ولشعوب المنطقة في انتصاراتهم وسيطرتهم على كامل المنطقة وكان للإسلام الدور الكبير؛ حيث استغل العثمانيون مسألة الإسلام للسيطرة على المنطقة، وبعدها بدأوا باستغلال الكُرد في حروبهم لتطبيق سياساتهم على المنطقة ونجحوا في ذلك حتى عام ١٨٠٦م.
بعد هذه الفترة بدأ الكُرد بانتفاضات ضد الامبراطوريتين العثمانية والصفوية، ومنها انتفاضة قلعة دمدم بقيادة “أمير خان يك دست” ضد الصفويين، وكذلك انتفاضة “أمير بابان وانتفاضة الأمير محمد رواندوزي وانتفاضة بدرخان بك وانتفاضة عبيد الله النهري” ضد العثمانيين، لكن تم القضاء على هذه الانتفاضات، والسبب يعود إلى، أولاً: كانت هذه انتفاضات تعتمد على عشيرة أو قبيلة واحدة. ثانياً: كانت أهدافها بسيطة تتعلق بمصالح فئة بسيطة. ثالثاً: لم تكن تشمل أفكار وطنية تجمع كافة القبائل والشعائر. رابعاً: لم تستطع هذه الانتفاضات كسب الشعوب والأديان الأخرى. خامساً: لم تستطع كسب القوى الأوروبية والتي كان لها دور كبير في المنطقة.
في هذه الفترة ازدادت سيطرة العثمانيين على كردستان رغم دخول الغرب “إنكلترا وفرنسا وألمانيا” المنطقة، وتميزت هذه الفترة بعدم الاستقرار، وكانت المنطقة تنتظر حدثاً مجهولاً ألا وهي الحرب العالمية الأولى……. يُتبع