عبد الغني أوسو ــ
كيف ظهرت القيمة؟
هل الأمور المادية لها قيمة أكثر أم الأمور المعنوية؟
ما هي الطبقة أو القوة التي ساعدت على تخريب التوازن بين المادة والمعنى؟
ما هي الحلول الصحيحة للتوازن بين القِيَم المادية والقيم المعنوية؟
القيم المادية هي كل الموجودات الملموسة، مثل الألبسة والمأكولات والمشروبات والأبنية والأدوات المنزلية والسيارات، أما القيم المعنوية فهي القيم غير المرئية مثل الضمير والوجدان والفضيلة والمحبة والإحسان ونكران الذات والأخلاق والنزاهة والعفة والتواضع.
ظهرت القيمة مع ظهور الإنسان، فالإنسان يحتاج إلى استمرارية الحياة وهذا يتطلب ثلاثة أمور أساسية، وهي المأكل والمشرب والحماية والنسل، ومن أجل استمرارية الحياة يحاول الإنسان الحصول على متطلبات الحياة، ففي بدايات الحياة البشرية كانت القِيَم الأساسية هي معنوية، وهذا متعلق بالعقل الطبيعي المَرِن للإنسان، وهي الطبيعة البشرية “الواحد من أجل الكل والكل من أجل الواحد”، وينظر إلى كل ما هو موجود في الطبيعة من نبات وحيوان وأشجار وحجر تحتوي على روح، فلا يوجد ملكية خاصة ولا الأنانية ولا الفردية ولا يوجد سلطة، فالجميع متساوون في المجتمع ويتم العمل والتوزيع بشكل عادل، لكن بدأت المشكلات والتناقضات والفروقات تظهر في المجتمع حين ظهور القيم المادية وإعطاء الأهمية لها، فظهر الفرق بين الرجل والمرأة وبين الكاهن والعبد، وبدأت المُلكية والتملك بالظهور، وهذه كانت بدايات الانقسام بالمجتمع “العبد مالك العبد الغني الفقير الإقطاعي الفلاح” وهكذا تم تحويل المجتمع الطبيعي إلى مجتمع طبقي يسوده التناقض والتفرقة وعدم المساواة، وأصبحت القيم المادية تطفوا على السطح، وقلّت قيمة القيم المعنوية، وهذا يعود إلى ظهور قُوى تتحكم بالمجتمع، وهنا ظهرت أولى الدول، وهي سومر، ومع ظهور الرأسمالية تغيرت بشكل قطعي التوازن بين المادة والمعنى، فأصبحت المادة هي الأساس، وما الحروب التي تُدار في أغلبها إلا صراع بين الخير والشر، بين الظالم والمظلوم، بين الصالح والطالح، فالأنظمة والقوى التي تريد تحويل العالم والكون والإنسانية إلى مادة والى شيء، لا ترجع إلى الأخلاق أو الضمير والوجدان، بل تعود إلى المصالح والمنفعة الشخصية، تعود الى الفردية والأنانية وحب التملك، فهي بعكس المجتمع الذي هدفه المحبة والسلام والأخلاق والتسامح والإنسانية وكافة القيم النبيلة التي اعتمد عليها الإنسان طيلة التاريخ.
فإذا كان يوجد في حياة الإنسان القِيَم المادية والمعنوية فيجب أن يكون التوازن يحكم هذه العلاقة، فلا يمكن قبول تجاوز القيم المادية على القيم المعنوية؛ لأن التاريخ يشهد بأن القيم المعنوية كانت موجودة وهي الأساس ومسيرة المجتمعات البشرية تدل على ذلك، والقيم المادية كانت بسيطة وهذه كانت من أجل استمرارية الحياة فقط، لذلك؛ الآن يجب الحافظ على القيم المعنوية والاهتمام بها والعودة بالمجتمع إلى القيم الأساسية، لكن للأسف الأطراف المعادية تحاول جر المجتمعات إلى ساحة يتم فيها الصراع كأنها صراع الطرشان يتم فيها الافتقار للقيم الأساسية للإنسانية “العدل المساواة، أخوة الشعوب”.
هذا هو الواقع الذي يريد البعض أن تعيشها البشرية جمعاء، لذلك يقع على عاتق الجميع العودة إلى القيم النبيلة للإنسانية “العدل المساواة التسامح المحبة والسلام وأخوة الشعوب”.