صرح العضو السابق في اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في السجون (CPT)، جان-بير رتاليني، الذي ذهب لزيارة القائد عبد الله أوجلان 3 مرات في إمرالي، أنه لا يمكن قبول ظروف العزلة المفروضة، وقال: “عبد الله أوجلان هو قائد الشعب الكردي، وأنا أطالب بحريته”.
وأشار إلى أنه على الرغم من الظروف القاسية في إمرالي، إلا أن القائد عبد الله أوجلان ظل قوياً ذهنياً ونفسياً للغاية وقال: “القائد أوجلان يعرف أن شعبه معه وهذه الحقيقة ما جعله أكثر صموداً في إمرالي، وتخشى دولة الاحتلال التركي من مناطق ذات الغالبية الكردية ومن القائد عبد الله أوجلان وحريته، القائد آبو هو بلا شك قائداً لكل الشعوب وعلى رأسهم الشعب الكردي، إذا كان قائدكم مسجوناً، فعليكم أن تناضلوا من أجل حريته”.
تستمر العزلة الشديدة على القائد عبد الله أوجلان في شهرها الـ32 ، وفي 10 تشرين الأول انطلقت حملة “الحرية لعبد الله أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية” ببيان مشترك في 74 مركزاً حول العالم، ولا تزال رسائل الدعم تصل للحملة، بعد أسر القائد عبد الله أوجلان، في الأعوام 1999 و2010 و2013، توجه وفد اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في السجون (CPT) إلى إمرالي، وضمن هذا الوفد أجاب الاخصائي في الطب الشرعي والحقوقي السويسري “جان-بير رتاليني” على أسئلة الصحفي “سركان دميريل” بخصوص الزيارات إلى إمرالي ووضع القائد عبد الله أوجلان في برنامج جدول الأعمال الأوروبية (Avrûpa (Gundemî على قناة مديا خبر التلفزيونية.
وكانت المقابلة مع رتاليني كالآتي:
بعد أسر القائد عبد الله أوجلان، قمت بزيارة إمرالي كعضو في اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في الأعوام 1999 و2010 و2013، هل يمكنك أن تخبرنا ماذا حدث في تلك المرحلة خلال الزيارات؟
نعم، ذهبت لرؤية القائد عبد الله أوجلان ثلاث مرات، وفي زيارتي الأخيرتين رأيت أيضاً السجناء الأخرين معه، وكانت الزيارة الأولى في عام 1999، أي قبل 25 عاماً تقريباً، لذا فإن ذكرياتي مشوشة بعض الشيء، وفي لقائنا الأول كان القائد عبد الله أوجلان
غير مرتاح للغاية؛ لأنه تم أسره للتو، لم يكن يعرف من نحن ولم يفهم هدفنا ما إذا كنا هناك لمساعدته أم لا، ومرت ساعات قليلة حتى ارتاح قليلاً وتحدث عما مر به، هذه كانت زيارتنا الأولى.
وفي زيارتنا في عام 2010 وما بعده، كان الأمر مريحاً للغاية، تحسنت ظروف السجن إلى حدّ ما، وخلال زيارتنا، أقمنا علاقة وديّة معه في وقت قصير، وأنا كطبيب كنت قلقاً على صحة أوجلان، ولهذا السبب طلبت الإذن للتحقق من صحته، بهذه الطريقة، أخرجت الجميع وبقينا معاً من خلال إطار المعلومات الطبية التي لا أستطيع أن أفصح عنها لكم حتى الآن، لن أنسى أبداً الزيارة الثانية، بعد هذه الزيارة بقينا أصدقاء جيدين، أوجلان شخص ودود إلى حدّ كبير.
سياسة فرض العزلة المشددة على القائد أوجلان مروعة للغاية
وكانت زيارتنا في عام 2013 أيضاً مريحاً للقائد وكنا سعداء برؤية بعضنا البعض مرة أخرى، ولأنه كان يعلم أنني أتحدث الفرنسية، فقد دعاني “طبيبي الفرنسي”، أعجبني هذا القول، يعني إذا قلت باختصار؛ آنذاك كان من الواضح خلال اجتماعاتنا أنه ليس ضحية للعنف وأن السلطات لا تعامله بشكل سيئ.
ولكن ظرفه اليوم يختلف كثيراً، وخاصة فرض سياسة العزلة المشددة عليه أمرٌ مروعة للغاية، لا أعرف ما هو الوضع بالضبط الآن، لكن بالنسبة لكل شخص يفرض عليه سياسة العزلة، والبقاء في غرفة مساحتها 4 أمتار، دون إمكانية التواصل مع العالم
الخارجي، يعد عنفاً فظيعاً، ومن الصعب جداً على الإنسان أن يحافظ على نفسه أمام هذه الظروف.
هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن سجن إمرالي؟ على سبيل المثال صانع السجن…
كما تعلمون، كانت إمرالي جزيرة تم أسر العديد من الأشخاص فيها من قبل، خلال زيارتنا الأولى، قيل لنا أن السلطات التركية قامت بإخلاء الجزيرة بأكملها في غضون أسابيع قليلة من أجل الاحتفاظ بأسير مثل القائد أوجلان هنا، إنه سجن مغلق من جميع الجهات والإجراءات الأمنية في أعلى مستوياتها، لقد زرت مئات السجون في جميع أنحاء العالم، لا أذكر أنني رأيت إجراءً أمنياً كهذا في أي سجن.
“كان يتحدث عن آماله من أجل شعبه”
كيف كان موقف القائد عبد الله أوجلان تجاه الوفد خلال زيارتكم؟
خلال زيارتنا الأولى، في العام 1999، كان أوجلان غير مرتاح للغاية، وكان في لقاءاتنا اللاحقة، يتعامل بحفاوة بما فيه الكفاية، وكان سعيداً جداً بالحديث عن أمور الحياة والآمال التي يحملها لنفسه ولشعبه، ويحزنني أن ظروفه اليوم، وبعد مرور أكثر من 20 عاماً، لم تتغير كثيراً.
هل كان يتطرق بالحديث عن المواضيع السياسية في هذه اللقاءات؟
كنتُ أسمح له بالحديث عن الأمور المتعلقة بالسياسة في اجتماعاتنا الفردية، ولكن ينبغي أن تعرفوا أيضاً، كان كل الأمور التي كنا نتحدث فيها، يجري تسجيلها من خلال الكاميرات الموضوعة في كل مكان، ولذلك، كان يتوجب عليّ أن أكون يقظاً بعض الشيء، فعلى سبيل المثال، عندما كنت بجواره، لم أكن أستطع القول “تعيش كردستان”، وكان من الممكن أن أقع في مشكلة عندما أخرج من اللقاء، ولربما كان الأتراك قد رفضوا ذهابي إلى إمرالي مرة أخرى، ففي حالة كهذه، كان يتعين عليّ أن أكون محايداً، ولذلك، كان علينا أن نكون حذرين بشأن ما نقوله وكيف نتصرف.
هل كان القائد عبد الله أوجلان يتحدث لكم عن ظروف احتجازه في إمرالي؟
لم يكن يجد حاجة للحديث لنا عنها، لأننا كنا نشاهد الظروف التي يعيش فيها خلال زياراتنا، وكنا كبعثة، نقوم بتفقد جميع نظام السجن، وخلال زياراتنا، أجريتُ اتصالات مكثفة مع أطباء أوجلان، لأننا كنا قلقين أيضاً بشأن صحته، وكون أنه لم يكن شاباً بهذا القدر، لذلك أردنا التأكد من أن حالته الصحية والبنية الصحية في السجن جيدة أم لا، وأردنا التيقن من أنه حالة حدوث أي خطأ أو تكون هناك حاجة إلى مداخلة طبية، هل من الممكن إجلائه على وجه السرعة إلى سفينة عسكرية أم لا.
ولكن هذا ما أستطيع قوله لكم؛ لقد صمم المسؤولون الأتراك السجن بحيث لا يتعرض أوجلان لأي حادثة، فهم كان لا يريدون وقوع أي حادث لـ أوجلان، حيث كان هذا الأمر سيكون صعباً بالنسبة لهم من الناحية السياسية، لأن العالم بأجمعه، كان يواكب عن كثب ظروف احتجاز أوجلان.
“الأمر الذي يجعل من أوجلان صامداً، هو أنه يعرف أن شعبه يقف خلف”
يدخل احتجاز القائد عبد الله أوجلان عامه الخامس والعشرين، وإن قضاء 25 عاماً ليس بالأمر الهيّن في ظل ظروف إمرالي، أليس كذلك؟
بالطبع، ليس بالأمر الهيّن، حيث أن المقاومة من الناحية النفسية في إمرالي صعبٌ للغاية، لكن الأمر الذي يجعل أوجلان صامداً، هو أنه يعرف أن شعبه يقف خلفه، وربما لهذا السبب لا يزال على قيد الحياة، فعندما قمنا بزيارته في المرة الأولى، كنا قلقين من تدهور حالته النفسية، أو احتمال أن يفكر في الانتحار أو أي شيء مختلف، إلا أنه لم يحدث شيء من هذا القبيل، ففي لقاءاتنا التي تلتها، شاهدنا أنه بقي قوياً للغاية من الناحية الذهنية.
على الرغم من القائد عبد الله أوجلان محتجز منذ 25 عاماً، إلا أنه لم يحدث أي تغيير في ظروف إمرالي، فمنذ قرابة 32 شهراً، لا ترد أي معلومات عن عبد الله أوجلان بأي شكل من الأشكال، فقد تم مصادرة حقه بالكامل في رؤية أفراد العائلة والمحامين، بماذا تفكرون بخصوص ظروف العزلة المفروضة التي يُحتجز فيها اليوم القائد عبد الله أوجلان؟
فيما يتعلق بالوضع الراهن لـ أوجلان، هناك مقولات متنوعة، وإذا كان مثل ما ذكرتم، أنه لا يمكنه إجراء اللقاء مع عائلته ومحاميه، فإن هذا الوضع هو وضع صعب ومخيف للغاية، ولا يعتريه أي شك، ولكن ما لم اعتمد على ملاحظاتي، لا يمكنني الحديث على وجه اليقين.
أليس ظروف العزلة المفروضة هي انتهاك لحقوق الإنسان؟
مرة أخرى، تمهدون الطريق لخوض نقاش هام، فمنذ سنوات عديدة، إذا لم أكن مخطئاً ــ فسوف يتعين عليّ التحقق للتأكد، أصبحت مسألة ما إذا كان الحبس الانفرادي يشكل انتهاكاً موضوعاً للقرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات الدولية.
وقد أقرت بعض المحاكم أن إبقاء الشخص في الحبس الانفرادي لسنوات هو أمر غير إنساني، ولكنني لست متقيناً ما إذا كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أصدرت قراراً مماثلاً بشأن هذا الأمر، ولكن بما أن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ستكون بموجب وضع احتجاز أوجلان، فمن المفيد أن نتحقق من ذلك.
أليست ظروف العزلة انتهاكاً لحقوق الإنسان؟
مرة أخرى، تمهدون الطريق لإجراء مناقشة مهمة، لسنوات عديدة، كانت مسألة ما إذا كان الحبس الانفرادي يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، وإذا لم أكن مخطئاً – يتعين علي التحقق للتأكد – موضوع قرارات صادرة عن المحكمة الأوروبية وغيرها من الهيئات الدولية؟
قضت بعض المحاكم بأن إبقاء الشخص في الحبس الانفرادي لسنوات هو أمر غير إنساني، ولكنني لست متأكداً ما إذا كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أصدرت قراراً سابقاً بشأن هذه القضية، ومع ذلك، سيكون من المفيد التحقق من ذلك، حيث قد تكون قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان متوافقة مع حالة اعتقال أوجلان.
“يجب على تركيا الرد على تقرير اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب”
المنظمة الوحيدة المسموح لها بدخول إمرالي هي اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، ورغم أنه زار إمرالي آخر مرة في أيلول 2022، إلا أنه لم يعلن بعد عن تقريره عن هذه الزيارة، رغم كل الطلبات، كيف تقيمون هذا الموقف من اللجنة؟
ما لم تستجب الدولة المختصة لتقرير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، أي ما لم تقم بإعداد ونشر ردها، لا تستطيع اللجنة
الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، نشر تقريرها الخاص وفقًا للعقد.
ومن الواضح أن هذا الوضع يعتبر صادماً وغير طبيعي بالنسبة للأكراد، ومع ذلك، أود أن أشير إلى أن سلطة اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب في الذهاب إلى أي مكان تريد ومتى تريد هي مسألة حساسة للغاية، إذا بدأت اتفاقية اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، في انتهاك قواعد معينة، فقد يكون رد فعل الدول بالقول: “نحن لا نريدكم بعد الآن، فأنتم تنتهكون العقد”، وهذا سيكون سيئا للجميع، ولذلك، يجب الحذر، وللأسف، فإن خطأ عدم نشر تقرير الزيارة التي ذكرتها، والتي أكملت سنة واحدة، ليس اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، بل السلطات التركية التي لم تنشر ردودها على زيارة اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب.
يتعين على تركيا أن تنشر ردها على الزيارة الأخيرة التي قامت بها اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب إلى إمرالي، كثيراً ما نواجه هذه المشكلة، وبينما تقوم بعض الدول في المجلس الأوروبي، الذي يتكون من 45 دولة في المجمل، بنشر ردودها على الفور على تقرير اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، فإن بعضها ينتظر لسنوات، بل وينتظر البعض الآخر حتى يتم تشكيل حكومة جديدة في البلاد.
يقول محامو القائد عبد الله أوجلان والعديد من المدافعين عن حقوق الإنسان إن اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، سياسية في موقفها من إمرالي، هل تعتقدون أن اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب قد تُركت تحت ضغط سياسي في مواجهة وضع عبد الله أوجلان؟
عندما تكون جزءاً من لجنة انتقادية، فمن المفهوم أن الدول التي يتم انتقادها غالباً ما تكون غير راضية، هذا واضح جداً، ومع ذلك، فإن الادعاء بوجود ضغوط سياسية لمنع اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب من التعبير عن نفسها هو حجة لم يتم إثباتها على الإطلاق، لقد تمكنت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب دائماً من التعبير عن البيانات التي حصلت عليها في السجون من خلال مراعاة الاتفاقيات التي تلتزم بالامتثال لها.
تركيا دولة موقعة على مجلس أوروبا والعديد من الاتفاقيات الدولية التي تلتزم بالامتثال لها، وعلى الرغم من ذلك، لا يتم احتجاز قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان فحسب، بل أيضاً آلاف السجناء السياسيين في السجون التركية في ظل ظروف قاسية للغاية، أليست ممارسات تركيا تدخل في نطاق خرق هذه الاتفاقيات؟
نعم بالتأكيد، ولا تقتصر هذه الانتهاكات على السجناء السياسيين فقط، بل تتعلق أيضاً بالوضع العام للشعب الكردي، لقد زرت كردستان عدة مرات، عندما زرت تركيا لأول مرة قبل 40 عاماً، كان الأتراك ينظرون إلى الكرد على أنهم أناس جبليون، وكانوا يعاملون في كثير من الأحيان كمواطنين من الدرجة الثانية، واليوم، تتواصل انتهاكات الدولة التركية لحقوق الشعب الكردي.
“إنهم يخافون عبد الله أوجلان وحريته”
هل تعتقدون أن الحرب التي تشنها الدولة التركية ضد الشعب الكردي في جهات كردستان الأربعة والعزلة المفروضة على أوجلان أمران مترابطان؟ هل العزلة جزء من الحرب ضد الشعب الكردي؟
نعم الأمر كذلك، لأنهم خائفون من أوجلان، إنهم خائفون مما قد يفعله أوجلان إذا تم إطلاق سراحه، ليس الأتراك فقط هم من يخافون من أوجلان، بل أيضاً الدول الأخرى التي يقطنها الكرد، وهم يشعرون بالقلق من أنه إذا ظل أوجلان حراً، فإنه سيوحد الكرد في هذه البلدان، وهم يعتبرون هذا الوضع وحرية أوجلان بمثابة تهديد لأنفسهم.
“أفكار عبد الله أوجلان مهمة لحل القضية الكردية”
باعتبارك شخصاً عرف عبد الله أوجلان عن كثب، ما الذي تود قوله عن دور أوجلان وأفكاره في حل المشكلة الكردية؟
أعتقد أنه سيأتي الوقت الذي يتم فيه إيجاد حل للمشكلة الكردية، لا يمكن إنكار أن القضية الكردية تثير قلقاً على نفس المستويات التي تثيرها القضية الفلسطينية الإسرائيلية الحالية، إنها قضية تحتاج إلى حل، ولكن أعتقد أن أوجلان هو “أب” الشعب الكردي، أي قائدهم، وسيظل كذلك، وأن أفكاره إيجابية ومهمة للشعب الكردي ولحل القضية الكردية.
والمشكلة هي أن العديد من البلدان لا تشارك وجهة النظر هذه، وهذا الوضع يخلق التوتر، وللأسف، هذه التوترات لا تقتصر على ما يعيشه الشعب الكردي، فهناك مواقف كثيرة في العالم تشبه ما تعيشونه أنتم، كشعب كردي.
“وصف الإرهابي ليس له أي معنى”
الدولة التركية تحاكم عبد الله أوجلان كقائد لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة “إرهابية”، ما الذي تودون قوله عن هذا التعريف كـ “الإرهاب”؟
في البداية، يجب أن نسأل ما هو الإرهابي، عندما كنت عضواً في اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، قمت بالتصويت لصالح اقتراح بحظر استخدام مصطلح “إرهابي” لأن هذا المصطلح في حد ذاته لا يعني شيئاً، وغالبا ما يستخدم لوصف استخدام العنف، ولذلك، في الواقع، يمكن تعريف كل حرب بأنها إرهاب، حيث يُستخدم مصطلح الإرهاب، كما هو معروف اليوم، كوسيلة لتشويه سمعة مجموعة من الناس.
على سبيل المثال، إذا كنت تقاتل من أجل تحرير بلدك، فقد يتم وصفك بالإرهابي، فقد كان يُنظر إلى الفرنسيين الذين قاوموا لحماية بلادهم خلال الحرب العالمية الثانية على أنهم إرهابيون، وبالمثل، تم تصنيف الشيشان الذين قاتلوا ضد الروس على أنهم إرهابيون.
باختصار، في اللحظة التي تعارض فيها شيئاً ما وتحمل السلاح للدفاع عن بلدك، يمكن وصفك بالإرهابي، لذا فإن هذا المصطلح ليس له في الواقع أي معنى أو ما يعادله.
“قرار الاتحاد الأوروبي بشأن حزب العمال الكردستاني قرار سياسي”
فيما يتعلق بهذا السؤال، أود أيضاً أن أسأل عن قرار الاتحاد الأوروبي اعتبار حزب العمال الكردستاني “منظمة إرهابية”، كيف تقيمون هذا القرار؟
لقد أذهلني هذا القرار، أود هنا استخدام الإفادة التي تستخدمونها للجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، ربما تم ممارسة ضغوط سياسية على الاتحاد الأوروبي أو ربما تم اتخاذ قرار سياسي باتخاذ هذا القرار، وفي واقع الأمر، لقد فوجئت باتخاذ الاتحاد الأوروبي مثل هذا القرار.
“من الضروري حماية اتصال السجناء بالعالم الخارجي”
باعتبارك عضواً في لجنة مناهضة التعذيب، قمت بزيارة مئات السجون وكتبت كتاباً عن انطباعاتك في هذه السجون، برأيك أي
سجن فيه أقسى الظروف، وما موقع سجن إمرالي من ذاك التصنيف؟
الأمر يختلف حسب معايير السجون، فقد قمت أيضاً بزيارة السجون في وسط وشمال أفريقيا، هناك سجون في أفريقيا الوسطى يموت فيها السجناء جوعاً، خاصة في البلدان الحارة، حيث لا يستطيعون النوم داخلها ويضطرون إلى قضاء الليل في الخارج، معرضين للبعوض، من الصعب تصنيف أسوأ السجون لأن ذلك يعتمد أيضاً على قدرة السجناء على الصمود، إن الشخص القوي عقلياً والذي يتمتع بصحة بدنية سوف ينجو من السجن بشكل أفضل من شخص أقل حظاً في هذه النواحي.
قبل كل شيء؛ لقد مر وقت طويل منذ أن ذهبت إلى إمرالي، لذلك أنا أتحدث بناءً على زيارتي الأخيرة في عام 2013، وبالحكم على الظروف التي لاحظتها خلال تلك الزيارة، فإن الظروف في إمرالي في ذلك الوقت لم تكن تبدو سيئة إلى هذا الحد، في ذلك الوقت، سُمح لعبد الله أوجلان بمقابلة السجناء الآخرين في السجن وممارسة الرياضة ومتابعة الصحافة، بالنسبة للمساجين، من المهم والأساسي أن تكون على اتصال مع زملائك الذين يناضلون في السجن، وأن تشارك في الأنشطة الرياضية، وأن تتابع التطورات، وأن تتواصل مع العالم الخارجي، وأن تتمكن من مقابلة عائلتك ومحاميك، وكل هذه الصلاحيات حصل عليها عبد الله أوجلان في عام 2013.
“ظروف إمرالي الحالية غير مقبولة”
العديد من هذه الحقوق التي شهدتموها في عام 2013، مثل حق القائد عبد الله أوجلان في مقابلة محاميه وعائلته، أي اتصاله بالعالم الخارجي، قد سُلبت بالكامل، مرة أخرى، وفقاً لتصريحات محاميه، تم سحب العديد من حقوق عبد الله أوجلان في السجن، ولهذا السبب أريد أن أسأل مرة أخرى، أليست هذه مخالفة؟
إذا كان الوضع كما ذكرت، فهو غير مقبول أبداً، على سبيل المثال، عندما قمنا بزيارة أوجلان لأول مرة في عام 1999، كانت ظروف السجن غير مرضية ونقلت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب مخاوفها إلى سلطات الدولة التركية وطلبت تغيير هذه الظروف، فغيرت السلطات تدريجياً بعض جوانب ظروف السجون، ولذلك، إذا عادت ظروف أوجلان الحالية إلى الوضع الذي كانت عليه في عام 1999، فإن هذا الوضع يجب أن يكون غير مقبول بالنسبة للاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب حسب رأيي.
“قد تحدث نفس العملية التي حدثت مع مانديلا”
كما تعلمون، تم إطلاق سراح قائد جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً من الأسر الشديد، وكان دور المجتمع الدولي مهماً في العملية التي قادت مانديلا إلى الحرية، هل ترى أي تشابه بين وضع القائد عبد الله أوجلان ومانديلا؟ هل يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً في حرية عبد الله أوجلان؟
نعم بالتأكيد، كانت هذه إحدى القضايا التي تحدثنا عنها عدة مرات عندما التقيت بـ أوجلان، لقد ذكرت مثال نيلسون مانديلا، وهو كيف تم إطلاق سراح مانديلا، الذي كان يعتبره بلده “إرهابياً”، ثم احتفظ دائماً بالأمل وكيف أنه أصبح رئيساً لبلاده، يمكننا الحديث عن أوجه التشابه بين وضع أوجلان ووضع مانديلا، وقد تحدث العملية ذاتها بالنسبة لأوجلان.
“يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً من أجل حريته”
هل يستطيع المجتمع الدولي التحرك من أجل حرية القائد عبد الله أوجلان؟
من المؤكد أن المجتمع الدولي يستطيع أن يفعل شيئاً من أجل أوجلان، ولكن الآن، وفي ظل البيئة الدولية المتوترة التي نعيشها، لا أعتقد أن هذا سيكون أولوية، على الأقل بالنسبة للرأي العام الدولي، لكن بالطبع يمكنهم تغيير الأمور بالنسبة لأوجلان.
ألا تستطيع الأمم المتحدة أن تلعب دوراً في تغيير أوضاع قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان؟
نعم، قد تتدخل الأمم المتحدة في وضع أوجلان، وقد يكون المقرر الخاص للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب مهتماً أيضاً بوضع أوجلان، وفي هذه الحالة فلا بد من أن يرتفع صوت ما.
“يجب أن تستمر التحركات الداعمة لعبد الله أوجلان”
في 10 تشرين الأول، أطلق سياسيون وكتاب ومثقفون ومدافعون عن حقوق الإنسان ونقابات، بينهم أسماء عالمية مشهورة، حملة تطالب بـ “الحرية لعبد الله أوجلان، حل سياسي للقضية الكردية” في بيان مشترك في 74 مركزاً حول العالم، ماذا تريدون القول عن هذه الحملة؟
إن هذا الوضع المهم، ومن الضروري الاستمرار في مثل هذه الحملات، على سبيل المثال، تعتبر الوقفة الاحتجاجية من أجل حرية أوجلان، والتي أقيمت بالقرب من مجلس أوروبا في ستراسبورغ، بمثابة فعالية مهمة أيضاً، ومن الضروري مواصلة التحركات الداعمة لأوجلان.
اليوم، يُنظر إلى عبد الله أوجلان على أنه قائد الشعب الكردي ويمثل شعباً يزيد تعداده عن 40 مليوناً، ورغم ذلك فهو سجين منذ 25 عاما في دولة يحكمها أردوغان الذي يصفه الكثيرون بالنظام الدكتاتوري، برأيكم ما هو الشيء الذي يمكن فعله لتغيير هذه الظروف التي يعيشها أوجلان؟
بالطبع، من الضروري الضغط على أردوغان وبذل كل ما في وسعنا لإحداث التغيير، لكني لا أعرف ما الذي يمكننا فعله أكثر من ذلك، أعتقد أنه من المهم جداً أن يستمر الناس في التحرك، وقبل كل شيء، ألا ينسوا أوجلان أبداً ويستمروا في احتضانه.
هل لديكم رسالة من أجل حرية قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان؟
أكرر؛ أوجلان هو بلا شك أب وقائد الشعب الكردي، لذلك، إذا كان الأب أو القائد أسيراً، فأنتم لا شك ستتبنونه وستريدون حمايته، وبما أن لدي علاقة ودية وحتى متعاطفة مع أوجلان، فأنا شخصياً أريد أن يخرج من السجن وأن يتم إطلاق سراحه في أقرب وقت ممكن، هذه الرغبة واضحة جداً بالنسبة لي.
وأكرر، أريد من كل قلبي أن يكون أوجلان حراً وآمل أن أزوره في دولته الكردية قريباً.
* من هو جان بيير ريستيليني؟
جان بيير ريستيليني، طبيب ومحامي سويسري، عمل كخبير في اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب لأكثر من 30 عاماً، ريستيليني، الذي شغل منصب رئيس إدارة طب السجون في جنيف لفترة طويلة، شغل أيضاً منصب رئيس اللجنة الوطنية السويسرية لمنع التعذيب بين عامي 2009 و2015، بالتوازي مع عمله داخل اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب.
جان بيير ريستيليني، الذي زار مئات السجون حول العالم، بما في ذلك سجن إمرالي، حيث يُحتجز القائد عبد الله أوجلان، لديه أيضاً كتاب بعنوان “مذكرات سفر لطبيب قام بالإشراف الطبي في السجون الأوروبية”.
نقلاً عن ANFNEWS