مقالات

السبيل لترسيخ الاستقرار المجتمعي بين المكونات السورية

مصطفى عبدو

الأزمة التي حاقت بالمجتمع السوري هي ليست أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية فحسب، كما أنها ليست أزمة مرحلية بل هي أزمة عميقة ونتاج لتراكمات سابقة ومن الصعب إيجاد حل جذري لمشاكل المجتمع السوري وخروج سوريا من أزمتها الراهنة وسط كل التدخلات الإقليمية والدولية ورغبة تلك الدول في الحفاظ على مصالحها بإطالة أمد الأزمة.

لقد باتت الحلول بعيدة المنال، بعد أن أصبح القرار السياسي السوري يُدار من قبل جهات خارجية ووصل معظم السوريين إلى نتيجة مؤكدة مفادها أن العملية السياسية في سوريا برمتها مطبوخة في الخارج وتفتقر إلى مشاركة شعبية فاعلة، وأنه لا يوجد حل ينهي هذه الأزمة التي أصبحت حديث الساعة بعد أن أصبحت القوى الخارجية هي اللاعب الأساسي في التأثير على المشهد السوري وفق أجنداتها ومصالحها الخاصة.

إن توجّه المجتمع السوري نحو التشظي له انعكاساته وتداعياته على دول الجوار وعلى المنطقة والعالم (اللجوء-الهجرة)، وفي هذا البلد الذي أنهكته الصراعات السياسية والمصالح الشخصية كل الاحتمالات أصبحت واردة ويمكن أن تحدث، ومن الصعب التكهن أو الجزم بشأن السيناريوهات التي قد تتجه نحوها البلاد في ظل هذا الوضع.

يبدو أن هذا ما دفع القادة والزعماء العرب في قمة (لمّ الشمل) الجزائرية بالإجماع على ضرورة الحل والحوار السوري – السوري وأكدوا على التفاهم الوطني السوري.

مفارقات عجيبة تشهدها الساحة السورية والتي باتت بمثابة رقعة شطرنج تتلاعب بها قوى إقليمية ودولية بأجندات مختلفة ومتباينة.. يتساءل المواطن السوري هل كان سبب الأزمة المتفاقمة في سوريا هو سبب سياسي أم مصلحي؟ لماذا فشلنا كمجتمع سوري في إدارة أزمتنا ونجحت الأجندات المعادية للشعوب؟

وبعد تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا يستفسر المواطن السوري هل تستطيع الإدارة الذاتية ترسيخ الاستقرار المجتمعي في سوريا؟

قبل الرد على هذه التساؤلات لابد من القول بأن الحكومة السورية فشلت فشلاً ذريعاً في دفع عجلة الوئام الاجتماعي ولم تبذل أي جهد في سبيل ذلك، بل جعلت الوضع أكثر تعقيدا والمشهد السياسي السوري أكثر ضبابية.

وإذا أردنا إنهاء الحالة المستعصية بين المجتمع السوري فالحاجة ملحة إلى نظام إداري ديمقراطي يحقق لكل الشعوب حياة تسودها الديمقراطية والسلام. ونموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية هو الحل الأنسب لجميع الأزمات، وهو السبيل الأنسب لإنهاء حالة الكل ضد الكل التي تشهدها المجتمع السوري والسبيل إلى الاستقرار والتعايش المشترك وضمان وحدة سوريا وترسيخ الاستقرار المجتمعي وضمان حقوق جميع المكونات التي تساهم بكل تنوعها في العمل بحس وطني دون الالتفاف إلى المصلحة الشخصية أو العرقية أو الدينية.

باختصار، يمكننا الجزم بقدرة الشعوب والمكونات السورية على تجاوز هذه المرحلة، ونبذ كل الخلافات وإيجاد حل ينهي الأزمة والصراع السياسي بالاستجابة لصوت العقل.

زر الذهاب إلى الأعلى