إيمان العليان ــ
في خضم الصراعات والأزمات التي تعاني منها سوريا، تظل مسألة الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي من أهم العناصر التي تعزز من قوة الدولة وشعبها في مواجهة التحديات.
تمثل اتفاقيات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع الحكومة السورية نقطة تحول في العلاقات الداخلية، وهو أمر يحتاج إلى دراسة دقيقة لفهم أبعاده وآثاره على مستقبل البلاد.
جذور الصراع
بدأت الثورة في سوريا عام 2011، وبعد ستة أشهر من اندلاعها تحولت إلى حرب أهلية، ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد انقسامات عميقة على أسس قومية ودينية.
ظهرت مجموعة من الفصائل المسلحة التي كانت جزء من الفوضى والانقسام، ورغم كل هذه الفوضى تشكلت قوة منظمة تعمل على عدم زعزعة الأراضي والشعب السوري وهي “قوات سوريا الديمقراطية” التي تشكلت بشكل رئيسي من وحدات حماية الشعب الكردية، ومع تقدم الأحداث، رغم هذا نشأت حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي، مما أدى إلى تدخل قوى إقليمية ودولية سعت لتحقيق مصالحها الخاصة.
اتفاقيات قوات سوريا الديمقراطية مع الحكومة السورية
في ظل هذه الفوضى، بدأت “قسد” في التفاوض مع الحكومة السورية لمعالجة القضايا العالقة وتجنب المزيد من التصعيد. هذه الاتفاقيات، التي تركزت على قضايا الأمن، الإدارة المحلية، والموارد، تمثل محاولة لتقليل التوترات وتفعيل العمل المشترك بين الأطراف السورية. وقد أظهرت هذه الخطوات كيف يمكن لطرفين متنازعين أن يتعاونا من أجل صالح الشعب السوري بأكمله، مما يعكس القناعة بأن الحوار هو الحل الأمثل للأزمة.
إفشال المحاولات الخارجية لزعزعة الوضع
واجهت سوريا العديد من المحاولات الخارجية الهادفة لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد. قوبلت هذه المحاولات برفض شعبي واضح، إذ أظهر السوريون في مختلف المناطق تمسكهم بأرضهم ووحدتهم.
تشكل قسد جزءًا مهمًا من هذا الرفض، حيث قامت باستباق الأزمات بفتح قنوات الحوار مع الحكومة السورية، مما ساهم في مواجهة التدخلات الخارجية.
تمكن هذا التعاون التقليل من تأثير القوى الخارجية التي تسعى لزرع الفتنة والانقسام بين المكونات السورية. اتضح أن الجهود المشتركة بين قسد والحكومة السورية ليست فقط لحماية المنطقة من الأزمات، ولكن أيضًا لتعزيز الشعور بالانتماء والتضامن الوطني.
الأراضي السورية… وحدة وطنية
تبقى الأراضي السورية واحدة، والشعب السوري هو شعب واحد. هذا المفهوم أصبح ضرورة ملحة لتعزيز الاستقرار والأمن، خصوصًا في ظل الظروف الصعبة التي تواجه المواطنون.
تجاوزت قسد والحكومة السورية المصالح الضيقة لتدركا أن استقرار البلاد هو مصلحة مشتركة.
تشير العديد من الدراسات إلى أن التماسك الاجتماعي والسياسي يلعبان دورًا حاسمًا في الحفاظ على استقرار الدول. لذلك، فإن التعاون بين قسد والحكومة السورية وأساليب التفاوض السلمية يمكن أن تكون نموذجًا يحتذى به في مناطق الصراع الأخرى.
أهمية تعزيز الثقافة الوطنية
يتطلب تعزيز الوحدة الوطنية العمل على تغيير الثقافة السائدة تجاه الآخر. التعليم الإعلامي والإعلام الإيجابي هما أدوات فعالة في تشكيل صورة إيجابية عن التنوع الموجود في سوريا. يجب أن يتم التركيز على تعزيز القيم الوطنية التي تشمل التفاهم والاحترام المتبادل، مما يمنع استغلال الخلافات لتعزيز الانقسام.
في الخاتمة
سوريا، بتنوعها الغني، هي وطن واحد لشعبها الذي أظهر طوال العقود الماضية أنه يرفض التفرقة، ويعتبر التماسك قوة. خطت قسد والحكومة السورية خطوات هامة نحو تعزيز الاستقرار، وبذلك، وضعت الأساس لبداية جديدة يمكن أن تستند إليها الحلول المستقبلية.
تسعى الاتفاقيات الموقعة إلى بناء مستقبل يعكس تطلعات جميع مكونات الشعب السوري، ويحمي حقوقهم ويعزز من قدرتهم على مواجهة أي تهديدات خارجية. يبقى الأمل معقودًا على استمرارية هذه الجهود وتعميق التعاون بين كافة القوى الوطنية لتأمين مستقبل آمن ومزدهر للجميع.