كورديار دريعي ــ
الإرهاب: هو الاستخدام غير المبرر للعنف ضد الجماعات أو الأفراد أو المنشآت بهدف بث الرعب وتحقيق مصالح غير مشروعة سواء من قبل الأفراد أو الجماعات والدول، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، قام بها أفراد ومنظمات ودول كثيرة كمنظمة الذئاب الرمادية المرتبطة بحزب الحركة القومية التركي الذي تأسس في 1960 وتُعد الجناح العسكري لهذا الحزب، وتُستخدم ضد المعارضين ومناضلي الشعب الكردي خاصة، إلى جانب حزب الله التركي الذي قام بآلاف الاغتيالات في التسعينيات ضد السياسيين والمثقفين وأبناء الشعب الكردي في، باكور كردستان، باسم فاعل مجهول، حيث ينطبق على هذين التنظيمين صفة الإرهاب، كونهما يستهدفان الأبرياء والمثقفين والسياسيين بهدف بث الرعب والخوف ومنع الشعب الكردي من المطالبة بحقوقه المشروعة أو الالتفاف حول قضايا حركته التحررية، كما يمكن عد الاخوان المسلمين على اختلاف تفرعاتهم حركة إرهابية كونها تهدف إلى إرهاب وتخويف المجتمعات بهدف فرض ذهنيتها وأيديولوجيتها التدميرية وارتكبت المجازر والويلات بحق الأبرياء وكمثال على ذلك ما قامت به في الثمانينات اثناء المواجهة مع النظام السوري حيث استهدفت الأبرياء والمدنيين، فقط لبث الرعب والخوف وتحقيق اجنداته، الى جانب ما تقوم به حالياً في المناطق المحتلة (عفرين، وسري كانية/ رأس العين، وكري سبي/تل أبيض) حيث ترقى جرائمها الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال القتل والتنكيل والتغيير الديمغرافي في استهداف مباشر للشعب الكردي على اختلاف انتماءاته، وهناك أمثلة عديدة عن مثل هكذا منظمات الى جانب الإرهاب الذي تمارسه بعض الدول ضد شعوبها أو ضد مكونات معينة من السكان كاستهداف النظام البعثي في العراق للشعب الكردي طوال حكمه في العراق منذ 1963 وحتى سقوط هذا النظام في 2003 حيث كان يستهدف القرى الآهلة بالسكان، وإفراغ المدن والقصبات والقيام بحملات الإبادة كالأنفال في 1988 حيث راح ضحية هذه الأفعال الإرهابية اكثر من خمسمائة ألف كردي من الأطفال والنساء والشباب والرجال، وإرهاب الدولة التركية منذ 1923 ولغاية 2023 على اختلاف حكوماتها التي ارتكبت عشرات المجازر كمجزرة ديرسم وروبسكي ونصيبين وجزرة وآمد وغيرها والتي راح ضحية ذلك مئات الآلاف من أبناء الشعب الكردي، وكذلك ممارسات وإرهاب دولة الملالي في إيران والاعدامات اليومية للمناضلين والمثقفين والمدنيين الكُرد والنظام السوري الذي مارس أشكال الإرهاب ضد الشعب السوري عامة والكردي خاصة، وما أحداث أو مجزرة القامشلي 2004 وسجن الحسكة 1993 الذي راح ضحيته 61 شخصا أغلبهم من أبناء الشعب الكردي إلا أمثلة على ذلك الإرهاب الى جانب تدميره في الثمانينات لمدينة حماة السورية وقتل أكثر من 30000 إنسان.
فهدف هذه المنظمات والدول هو بث أكبر درجة من الخوف والرعب بين الشعوب والأفراد والمجتمعات بغرض تحقيق مصالحهم البعيدة عن مصالح المجتمع وإنما هي مصالح أفراد ومنظمات وأنظمة قمعية.
وبالعودة إلى حزب العمال الكردستاني، فقد تأسس في 1978 كحركة يسارية تطالب بالحقوق المشروعة لشعب تعداده يتجاوز ال 50 مليون نسمة، أي للشعب الكردي الذي حُرم تماماً من كافة حقوقه حتى حق الحياة، إثر اتفاقية لوزان 1923 المشؤومة، ولم يلجأ الى السلاح إلا دفاعاً عن النفس وعن الشعب في مواجهة إرهاب الدولة التركية التي سدت كل نوافذ الممارسة السياسية والسلمية للنضال أمامه، فهنا يجب التفريق بين المقاومة المشروعة وحق الشعوب في النضال لنيل حقوقها وبين مفهوم الإرهاب، فقد استنتج عصبة الأمم عام 1937 أن الاستعمار هو أهم دوافع المقاومة ولم يقل اهم دوافع الإرهاب، فالكفاح المسلح الذي خاضه حزب العمال الكردستاني كان كفاحاً بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة، وهو اختلاف جوهري بين كفاح الحزب وبين ما تقوم به الحركات والمنظمات الإرهابية العابرة للحدود في الطبيعة والمقاصد. فالهدف هو تصويب التاريخ وإعادة الحقوق المسلوبة للشعب من دولة استعمارية لا تعترف بوجود الشعب الكردي ويختصر حقوقه في الموت والسجون والعبودية، أي خاض مقاومة مشروعة وفق مبدأ الدفاع المشروع عن حق الحياة والحرية، لذلك فأن إدخال حزب العمال الكردستاني في قائمة الإرهاب سنة 1997 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إنما جاء لغايات سياسية ودبلوماسية وإرضاءً لتركيا الحليف معها في النيتو، ولم يكن أبداً وفق القوانين الدولية المحددة للإرهاب، وإنما اعتماداً على مصالحها مع تركيا واعتماداً على الأكاذيب التركية، ففي هجوم إسطنبول ،2022 والذي كان من تدبير الاستخبارات التركية، وراح ضحيته أكثر من ستة قتلى و 80 جريحاً؛ اتهمت تركيا حزب العمال الكردستاني ومن دون أية أدلة مُقْنِعة حتى لحليفتها أمريكا، ومع ذلك شنت تركيا إرهاباً همجياً ضد الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ومن دون أن تُحاسب على إرهابها. والتلفيقات التركية لا تنتهي ولكن حتى أصدقاء تركيا أدركوا مؤخراً صعوبة الاستمرار في اعتبار الحزب إرهابياً ففي 2019 اعتبرت محكمة الاستئناف البلجيكية أن هناك “صراعاً مسلحاً” في تركيا، وأن حزب العمال الكردستاني هو طرف فيه، “وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتباره منظمة إرهابية”، مضيفة أن المؤسسات والجمعيات الكردية العاملة في بلجيكا لا يمكن أن تُعامل في إطار قانون محاربة الإرهاب، وذلك بعد أن رفضت ملاحقة 36 شخصاً ومنظمات كردية داعمة للعمال الكردستاني كانت تركيا قد طالبت باعتبارهم إرهابيين.
وعلى هذه الخطوة البلجيكية طالب مايكل روبن مسؤول سابق في البنتاغون والباحث في معهد أمريكان انتربرايز بلاده لإخراج حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب في مقال نشره بصحيفة “واشنطن اكزامينر” الأمريكية، وبعد الخطوة البلجيكية وفي 2023 جاء قرار الاستخبارات اليابانية الداخلية بعدم اعتبار العمال الكردستاني منظمة إرهابية، واليوم تعلو الأصوات في أنحاء مختلفة من العالم يدعون فيه إلى إطلاق سراح مؤسس الحزب المناضل “عبد الله اوجلان” من سجون الفاشية التركية وإخراج حزب العمال الكردستاني من قوائم الإرهاب الدولية، فقد أثبت حزب العمال الكردستاني أنه أكثر من حارب الإرهاب الذي كان يهدد العالم، أي داعش وأخواتها منذ 2012، في الوقت الذي ساندت فيه تركيا داعش وكل تفرعاته ولا تزال ترعى كل الفصائل الإرهابية وتمارس إرهاب دولة ضد المنطقة والشعب الكردي خاصة، ومؤخراً أبدى وزير الخارجية التركي الحالي هاكان فيدان انزعاجه من الدول الاوربية كونهم يعتبرون تركيا عدوة للشعب الكردي وليس لتنظيم معين، فتركيا تنكشف يوماً بعد آخر بأنها منبع الإرهاب ومسألة إخراج حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب باعتقادي هو مسألة وقت لا أكثر.