محمد ايبش
لا يخفى على أحد قُدرة وبراعة أردوغان في دغدغة مشاعر الشارع التركي دينياً وقومياً جاعلاً من نفسه حامي تركيا وشعبها باللعب على الوتر الديني، وهو في حقيقة أصله -كما كان كمال أتاتورك من يهود “دونما”- هو يهودي، ولكن عائلته دخلت الإسلام بعدما قدمت من جورجيا، دون أن يعرف الشارع التركي هذه الحقيقة، ولقد سطع نجمهُ عندما انتُخب كرئيس لبلدية اسطنبول، وبعد انشقاقه من حزب الرفاه الذي كان يتزعمه نجم الدين أربكان وبعد خروجه من السجن أسس حزب العدالة والتنمية واستطاع استقطاب عدد من الشخصيات الأكاديمية مثل الرئيس السابق عبد الله غل وأحمد داوود اوغلو وعلي باباجان، وبعد تفرده بسلطة حزب العدالة والتنمية يمكن القول هنا إن اردوغان من أكثر قادة تركيا قدرة في التأثير على الشارع التركي، رغم السياسات التي الحقت بتركيا خسائر اقتصادية وسياسية، من خلال اللعب بعواطف الشعب كما شهدنا في الحملة الانتخابية الحالية بعدما انتهى من الدعاية الانتخابية وتوجه الى مسجد آيا صوفيا والخطاب الشعبوي الاسلاموي، متحدثاً عن الإيمان والتضرع إلى الله، متناسياً أنه هو ذات الشخص الذي منح التراخيص لبيوت الدعارة، وهذه البيوت مخالفة للشرع والأخلاق، ولا نقول ذلك عن عبث، فهناك المادة227 من قانون العقوبات الجزائية وبحسب القانون 5437 يعتبر بيوت الدعارة مهنة قانونية، ويوجد في تركيا بموجب هذا القانون 15 ألف بيت للدعارة ويصل مردود هذه الدُور سنوياً إلى 4 مليار دولار، اما بالنسبة لخداعه الشارع العربي بقضية فلسطين وأنه يناصر هذه القضية، فهي كذبة مفضوحة لأن أكثر المراحل في العلاقات التركية الاسرائيلة قوةً هي في عهد اردوغان وعلى كافة الصعد، أما على الصعيد الداخلي فقد استطاع التاثير على الشارع التركي من خلال خطابه المزدوج دينياً وقومياً، وهذا ما رأيناه في نتائج الانتخابات التي جرت قبل يومين وخاصة في المناطق التي تعرضت للزلزال وبَنت المعارضة سياساتها على أن المواطن التركي لن يصوت لاردوغان في هذه المناطق نتيجة الإهمال المقصود من قبل الحكومة، فكان ذلك خطأ كبيراً وقعت فيه المعارضة، وكان لخطاب اردوغان في مسجد آيا صوفيا الأثر الكبير في حصول حزب العدالة والتنمية على نِسب عالية في معظم تلك المناطق، وهنا يمكن القول إن المعارضة التركية تفتقر إلى الدعاية، ولو استطاعت المعارضة إقناع الناخب التركي لحَسَمت النتيجة من الجولة الأولى ولحصلت المعارضة على نسب عالية في البرلمان أيضاً، لذلك يجب على المعارضة التركية أن تبذل جهوداً كبيرة لإلحاق الهزيمة باردوغان حتى تنقذ تركيا من الكارثة التي ستتعرض لها الشعوب في تركيا لو فاز أردوغان بالدورة الثانية.